عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حفنة كلام

المزارعون يعملون دون عائد مادى منصف، ودون تأمين صحى ،ودون تأمين ضد البطالة؛ ففى موسم الجنى لو توالى سقوط المطر فى ألمانيا ثلاثة أيام متصلة يحصل المزارع الألمانى على تعويض،أما مزارعونا فهم الطبقة التى تعطى ولا تأخذ.

 وأما ما يحدث مع مزارعى قصب السكر فى صعيد مصر فهو العجب العجاب؛ فالدورة الزراعية تحدد حقول الأراضى التى يجب زراعة القصب بها؛ وإذا خالف المزارع الدورة الزراعية يتعرض للعقوبة ، فيلتزم المزارعون بما قررته الدولة ويزرعون قصب السكر الذى يتطلب أطناناَ من السماد الذى لا توفره الجمعيات الزراعية عمدا أو دون عمد فيلجأ إلى السوق السوداء التى نجده متوافرًا بها بأضعاف ثمنه فيشتريه المزارعون مضطرين وإلا بارت المحاصيل. وما يستحق صرفه فى الشتاء تصرفه فى الصيف والعكس حتى يقع المزارع تحت جشع البائعين، ويفاجأ المزارعون بآفات وحشرات تصيب القصب فيضطرون لشراء المبيدات ورشّها على نفقتهم؛ فلا يرون مرشدا زراعيا ولا من يهتم بأبحاث تنمى المحصول وتقضى على الحشرات ، كما أن الفئران انتشرت بين الحقول ولا مقاومة بل تركها المسئولون تقرض المحاصيل وتتقوى عليها ليبصر المزارع أعواد القصب وقد تحولت إلى كوم قش، ولذا يتعرض المحصول للحريق فيعاقَب المزارع على حريق حقله وهو المتضرر الأول والأخير، ثم يأتى العجب العجاب فى العَقد المبرم بين مصنع السكر والمزارع إذْ يلتزم المصنع بنقل المحصول بقطار المصنع الذى كان يمر قريبا من الحقول؛ ومنذ سنوات طوال توقفت معظم القطارات الناقلة وسرق السارقون المعروفون قضبان السكك الحديدية، فلم يعد هنالك قضبان ولا قطارات؛ وعندما طالب المزارعون بنقل محاصيلهم على نفقة المصنع إعمالا لبنود العقد رفض المصنع، بل طلب طلبا غريبا ليبرئ ساحته وهو أن يكتب المزارعون إقرارا عبثيا أنهم يطلبون نقل محصولهم من القصب على نفقتهم الشخصية بناء على طلبهم ورغبة محمومة لديهم متنازلين عن طلب مقابل مالى لأن هذه رغبتهم وأنهم لا يرغبون في نقل محاصيلهم بقطارات المصنع التى لا وجود لها ،فيضطر المصنع لتلبية أمنيتهم ويقبل هذا الوضع تحقيقًا لرغبات المزارعين الذين يدفعون  أموالا باهظة مقابل النقل ؛ناهيك عن أن المصنع هو الذى يحدد سعر الطن ، تَخيّل طن قصب السكر بستمائة جنيه فقط «أقول الطن أى ألف كيلوجرام» بثلاثين دولارًا، ولن يأخذها صافية بل بعد خصومات كثيرة أعجبها ما يذهب لجمعية رعاية منتجى القصب! ثم يحدد المصنع الوزن وحده دون مشاركة من ممثلين عن المزارعين ويفاجأ المزارع أن فى كل نقلة قصب يحسب المصنع رُبع طن شوائب تقريبا ، وهو لا يستطيع التساؤل ولا الاعتراض بل عليه القبول فقط،كما أن المصنع وحده يحدد متى يأخذ هؤلاء أموالهم فى طوابير فى حر الشمس وانتظار ممل بعد شهور من توريد المحصول ، فهل يعقل أن المزارع يورد المحصول فى شهر يناير ويأخذ بقية مستحقاته فى أغسطس؟ّ!..

وعندما يذهب للمصنع فى أغسطس وهو شهر قمة الحر يجد خلقًا كثيرًا يجلسون تحت الشمس منتظرين دورهم؛ فلا ظل ولا ماء ولا مراوح بل يمكثون يوما كاملا حتى يجئ دوره، وكم طالبوا بأن يصرفوا مستحقاتهم من بنوك التنمية الزراعية أو أى بنك من البنوك الحكومية القريبة من قُراهم ومُدنهم ولكن دون جدوى حتى يتعذب المزارعون؛ وحتى يفقد بنك التنمية دوره الرئيس وهو التنمية ليتبقى له دور التسليف دون رحمة.

إن حال مزارعى الأرز لن يختلف كثيرا، ومناظر الأرض البور التى لا تجد ماء بعد جفاف التُّرع وصراخ المزارعين وقد تشققت أرضهم يبدو مدويا.

المزارعون يحتاجون إلى نقابة قوية وإلى جمعيات تعمل على مصلحتهم وأسمدة متوفرة ومبيدات لا تقضى على البيئة وبحوث علمية تساعدهم ومياه فى الترع منتظمة ،وإشراف زراعى ميداني، وبعد ذلك - ربما - يحتاجون بطاقات ذكية تُوزع عليهم!

المزارعون فى حاجة إلى جرارات زراعية وميكنة بقروض ميسرة حتى تساعدهم على تحمل هذه الصعاب.

نود رعايتهم حتى لا نرى شكاوى الفلاح الفصيح المدوّنة على المعابد وقد أضيفت إليها شكاوى الفلاحين الجدد التى لن تكفيها جدران المعابد ولا صفحات الصحف!

 

[email protected]