رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

لو أنفقت اسرائيل مليارات الدولارات علي مراكز بحوث وجواسيس من أجل فهم طبيعة وأعماق المجتمعات العربية بكل مكوناتها الدينية والسياسية والاقتصادية والنفسية لما حصلت على ما حصلت عليه من معلومات وحقائق من العرب أنفسهم رجالا ونساء وشبابا وشيوخا ومثقفين وعامة.. ما يكتب وينشر على مواقع التواصل عبر الانترنت من تدوينات وآراء وانطباعات وخرافات، ومن أكبر المثقفين إلى جمهور هلا بالخميس وجمعة مباركة كشف عنا جميعا الغطاء ووضعنا في العراء أمام اسرائيل والعالم كشعوب تعاني من مشكلات نفسية وحضارية معقدة.. مجتمعات تظهر ثقافتها ورؤاها وأفكارها ومشاكلها ومعاركها عبر مواقع التواصل، إلى أي مدى هي مجتمعات مأزومة تدفع ثمن عقود وقرون من التهميش والكبت والقهر والجهل والفقر.. وعندما تغير العالم وأخرج العلم والتطور من القمقم "عفريت" اسمه الانترنت خرجت المجتمعات العربية هي الأخرى من قبور النسيان والتجهيل والصمت لتجلس على نفس الطاولة وبأكفانها القديمة مع كل مجتمعات العالم.. ما قدمناه ونقدمه حتى الآن هدية تاريخية لإسرائيل ولكل دولة ندخل في اهتماماتها الاستراتيجية.. لقد فضحنا أنفسنا وجرسنا تاريخنا وانكشفنا أمام خلق الله أننا مجتمعات مأزومة وبدافع الكبت التاريخي وانعدام الأمل في المستقبل تواصل هرولتها في الماضي ولا تجد ضالتها إلا بالغرق في بحور الدين والجنس.. جمهور «هلا بالخميس» المحتفل بيوم للحب اسبوعيا بالصور ومقاطع الفيديو هو نفسه أو معظمه جمهور «جمعة مباركة» المحتفل بيوم للبركة الأسبوعية يرتدى فيه ثوب الفضيلة ليستر به عورات باقي أيام الاسبوع.. زمان كانت اسرائيل تجند جواسيس ليأتوا لها بمعلومة عن خبايا الشارع العربي وبما ينشغل العرب.. اليوم نحن نقدم لإسرائيل وغيرها بالصوت والصورة وعلى مدار اليوم كل ما تتمناه - ولا أستبعد أن يكون في اسرائيل مراكز بحثية مهمتها تصدير ملايين البوستات الوعظية والغيبية والتخريفية ليتلقفها جمهورنا ويغرق فيها - متصورا أنها أتته من أزمنة الطهر التي لم نعشها.. أجمل ما في الحرية أنها ترفعنا للسماء واقدامنا على الأرض وأسوأ ما فيها أنها تفضحنا حين تنزع عنا القشرة الكاذبة ليرانا الآخرون على حقيقتنا ويعرف من يريد أننا مجتمعات خرجت لتوها من الغابة والصحراء لتجد نفسها فجأة داخل غرفة واحدة ومكيفة مع كل شعوب الدنيا - وكل يقدم ما عنده ويعرض بضاعته على شاشة صغيرة القابض عليها كالقابض علي كأس من الخمر.. أي بحوث تحليلية عن المجتمعات العربية من خلال ما تعكسه مواقع التواصل عبر الانترنت ستؤكد أن الدين والجنس والعصبيات هى المثلث الذي اخترناه فضاء لحياتنا ولم يدرك أحد أن هذا المثلث لم يكن سوى السجن الأزلي الذي اندفعنا إليه ونحن نحلم بالحرية.. عشنا فيه وتلذذنا وأصبح هذا السجن الكبير هو عالمنا الحقيقي الذي إن شئنا أن نتغير فليحدث ما يحدث لكن داخل أسوار هذا السجن أو هذه الغابة المحاطة بأشجار الشوك.. السبيل الوحيد لمشاركة العالم المتقدم ثمرة حضارته أن نقرر الخروج الجماعي من غابات التاريخ وأن نعترف وبالذات نحن في مصر بأننا يوما ما كنا بشرًا عظامًا أصحاب حضارة نبيلة ثم اجتاحنا الطوفان وألقى بنا في جوف الصحراء ليحرمنا منذ أكثر من ألف عام من سحر إطلالة البحر وروعة مغامرة ركوب أمواجه بحثا عن جنات المعرفة وليس غرقا في ظلمات أعماقه تحت وطأة الهروب من الجحيم..