عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

يجمع معظم المحللين للخطاب الشعبوى للرئيس الأمريكى ترامب أنه مجرد جعجعة صوتية، يخاطب بها ناخبيه، ويدعم من خلاله الحملة الراهنة لانتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى التى ستجرى بعد أسابيع، فى مواجهة خشيته من فوز الحزب الديمقراطى بها، وهو فى حال حدوثه سيجعل تمكنه من الإفلات من التهم الموجهة له بالتحرش الجنسى، والتهرب الضريبى، والتواطؤ الخارجى مع روسيا لصالح حملته فى الانتخابات الرئاسية، أمراً صعباً. لكن هذا التحليل يتغاضى عن الآثار الخطرة لمثل ذلك النوع من الخطاب السوقى غير المسبوق على العلاقات بين الدول، وعلى التوازن المنشود فى النظام السياسى العالمى، وعلى زيادة حدة التوتر فى منطقتنا العربية على وجه الخصوص.

عصف ترامب بالحقوق الفلسطينية بنقل سفارته إلى القدس والاعتراف بها عاصمة أبدية لإسرائيل، وقدم دعماً مالياً غير مسبوق لحكومة اليمين الإسرائيلى بلغ 38 مليار دولار، وتبنى الرؤية الإسرائيلية لطى صفحة حل الدولتين متجاهلاً كل قرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين والاستيطان، وقضايا الحل النهائى.

فعل كل هذا وهو لا يبالى برد الفعل العربى الغاضب على قرارته، والتى ساهمت فى تراجع الدور الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط، حيث ينهض بسياسة ترغب فى إعادة تشكيلها على مقاس المصالح الإسرائيلية. وبرغم أن واشنطن لم تعد فى حاجة إلى النفط والطاقة من المنطقة الخليج، فلم تكف عن ممارسة الضغط على دوله، وفى القلب منها السعودية لخفض أسعار النفط، وتهديدها بتصريحه السوقى المفعم بالعدوانية والرغبة فى التشفى، بمطالبتها بدفع ثمن الحماية التى توفرها لها الولايات المتحدة، والتى لا يستطيع نظامها البقاء والاستمرار دونها، وهى هجمة تعاقب السعودية على تحالفها مع روسيا لضبط أسواق النفط العالمية!

لا يصلح تبريراً لتجاهل هذا اللون من العدوان اللفظى الغليظ والخارج عن الأعراف الدبلوماسية، القول إنه امتد ليطول معظم دول العالم فى معسكرى، فضلاً عن أن التجاهل يغرى بالتمادى فى العنجهية والعدوان.

دفعتنى حالة ترامب الراهنة التى «تلوش» فى كل اتجاه، إلى تذكر الرواية التى أوردها أحمد بهاءالدين فى كتابه «محاوراتى معى السادات».

قال بهاء إن الرئيس السادات كان يحدثه عام 1974 عن أن شاه إيران هو مثله الأعلى من بين زعماء العالم، وقدم السادات تبريراً لذلك قائلاً لبهاء بالنص: زعماء عدم الانحياز بتوعك ملأوى الدنيا ضجيجاً منذ سنوات، نهرو ونكروما وسكارنو وحتى عبدالناصر.. وتيتو.. أين هم الآن؟ راحوا فين؟ اللى مات واللى اتهزم، واللى راح فى انقلاب، واحد فقط من هذا الجيل باقٍ على مقعده بكل هيلمانه، والدنيا تسعى إليه هو شاه إيران.. والسبب بسيط، كل هؤلاء تصوروا أن فى العالم قوتين عظميين هما روسيا وأمريكا، وحاولوا أن يتعملوا معهما على قدم المساواة. والحقيقة غير ذلك تماماً، فهناك دولة عظمى واحدة هى أمريكا، وروسيا ليست دولة عظمى ثانية، إنها تأتى بعد أمريكا بعشرين درجة.

وكان شاه إيران هو الوحيد الذى أدرك هذه الحقيقة، قام عمل إيه؟ قعد على حجر أمريكا، ومسك فى هدومها، وأديك شايف، كل صحابك راحوا، والشاه عملتله أمريكا كل اللى هو عايزه، قامت ثورة وهرب إلى إيطاليا، والأمريكيون جابوه ورجعوه وقعدوه على العرش لحد دلوقت.

ورغم أن السادات شاهد بنفسه سقوط نظام الشاه عام 1979، وتخلى واشنطن عنه ورفض استقباله، ظل متمسكاً بأن القوة العظمى الوحيدة هى أمريكا، وأن 99% من أوراق اللعب فى الملعب الدولى بيدها.

التعلم من تجارب التاريخ، وتوسيع نطاق التحالف العربى مع القوى الدولية الأخرى الناهضة فى العالم من شأنه، أن يغير من معادلة السادات السابقة، وهو أبسط رد على الجروح التى تعمقها لدى الكرامة العربية سوقية ترامب!