رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا أعرف لماذا يشكك بعض المصريين فى الانتصار الذى حققه الجيش المصرى على الجيش الإسرائيلى فى حرب أكتوبر 1973.

يحدث هذا - للأسف - منذ حوالى 10 سنوات.. ثم ازدادت هذه الحملة المشبوهة شراسة عقب اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وهى حملة تقودها أجهزة مخابرات دول معادية لمصر، ضمن حملة لتشويه كل إنجاز مصرى، وكل انتصار مصرى، وكل الرموز الوطنية المصرية.. وهى حملة تهدف إلى كسر إرادة هذا الشعب وتحطيم معنوياته.

وهنا فقط، أكتفى بما قالته جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل عن حرب أكتوبر 1973 فى مذكراتها التى صدرت بعنوان: «حياتى».. وجولدا مائير لم تكن امرأة يهودية عادية، بل كانت امرأة حديدية، حكمت إسرائيل 5 سنوات «1969 - 1974»، وهى أصعب سنوات الصراع العربى الإسرائيلى.. فقد كانت إسرائيل تعيش نشوة الانتصار على مصر منذ حرب 1967.. بينما كانت مصر تستعد للثأر، حتى تمكن الجيش المصرى من عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة، وهزيمة الجيش الإسرائيلى.

ماذا قالت جولدا مائير عن أيام الحرب فى مذكراتها:

ليس أشق على نفسى فى الكتابة، من بين كل الموضوعات التى كتبت عنها فى هذا الكتاب، قدر أن أكتب عن حرب أكتوبر 1973، حرب يوم كيبور.. لكنها حدثت، ومن هنا فلابد أن أكتب عنها، لا من الناحية العسكرية، فذلك أمر أتركه للآخرين، وإنما ككارثة ساحقة، وككابوس عشته بنفسى، وسيظل باقيًا معى على الدوام، بل سوف أحيا بهذا الحلم المفزع بقية حياتى، ولن أعود مرة أخرى الشخص نفسه، الذى كنته قبل حرب يوم كيبور.

فى يوم 6 أكتوبر 1973 عقدت اجتماعا للحكومة عند الظهيرة، كما طلبت إلى سفير أمريكا آنذاك «كينث كيتنج» أن يأتى لمقابلتى.. وأبلغته أنه طبقا لتقارير مخابراتنا فإن الجيش المصرى والجيش السورى سوف يبدآن هجومًا عسكريًا على إسرائيل فى ساعة متأخرة من بعد الظهر، لينقل ذلك على الفور إلى واشنطن.

وفجأة، وبينما نحن مجتمعون دفع سكرتيرى العسكرى باب غرفة الاجتماع، حاملاً الأنباء بأن الضرب قد بدأ.. وسمعنا فى نفس اللحظة نعيق صفارات الإنذار فى تل أبيب، وبدأت الحرب.

كان هناك تفوق ساحق علينا من الناحية العددية، سواء فى الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال.. وكنا نقاسى من انهيار نفسى سحيق.

ولم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت بها الحرب فحسب، ولكن أيضا فى حقيقة أن عددًا من افتراضاتنا الأساسية قد ثبت خطؤها.. فقد كان احتمال الهجوم فى أكتوبر ضئيلا، وكان هناك يقين بأننا سنحصل على الإنذار الكافى قبل وقوع الهجوم، وكان هناك إيمان بأننا سنقدر على منع المصريين من عبور قناة السويس.

إننى لن أحاول حتى أن أصف كيف كانت تلك الأيام بالنسبة لى.. وأظن أنه يكفى أن أقول إننى لم أستطع أن أبكى عندما انفردت بنفسى.

وكانت الاجتماعات مستمرة طوال الليل والنهار، تتخللها مكالمات تليفونية من واشنطن أو أنباء سيئة من الجبهات.. لقد كنت أعرف أن كل تقرير حول إمكانية مواجهة المصريين يحمل فى طياته الثمن الباهظ الذى ندفعه من الأرواح البشرية، وكان بمثابة سكين تغمد فى قلبى.. ولا أظن أننى سوف أنسى ذلك اليوم الذى سمعت فيه أسوأ التنبؤات المتشائمة.

ففى عصر يوم 7 أكتوبر عاد موشى ديان وزير الدفاع من إحدى جولاته على الجبهة، وطلب مقابلتى على الفور، وعندما قابلته أبلغنى أن الموقف فى سيناء وصل إلى درجة من السوء إلى حد أننا يجب أن نقوم بانسحاب جذرى، ونقيم خطا جديدًا للدفاع، واستمعت إليه فى فزع.. وأعتقد أننى لو لم أتعلم خلال سنوات عمرى كيف أكون قوية، لكنت قد تحطمت تمامًا.

ثم أغلق "ديان" باب مكتبى ووقف أمامى وسألنى: «هل تريدين منى أن أستقيل»؟!.. لكننى أبقيت عليه وزيرًا للدفاع.. ثم بدأنا محادثات حول الحصول على معونة عسكرية من الولايات المتحدة، وكان من الضرورى اتخاذ القرارات بكل سرعة.. وقد تحدثت مع «دنيتز» في واشنطن فى كل ساعات الليل والنهار، أين الجسر الجوى.. لماذا لم يبدأ بعد؟!.. وأذكر أننى تحدثت معه ذات مرة فى الساعة الثالثة فجرًا.. فقال لى: لا يمكننى يا جولدا أن أتحدث مع أحد الوقت مبكر للغاية.. وصرخت فى «دنيتز» بغضب.. لا يهمنى ما الساعة الآن، اطلب كيسنجر حالا فى وسط الليل، نحن فى حاجة إلى النجدة بسرعة اليوم، لأنها قد تكون متأخرة جدًا غدًا.

وأمر الرئيس الأمريكى نيكسون بنفسه بإرسال الطائرات الجبارة جالاكسى، ووصلت أولى رحلاتها فى اليوم التاسع من الحرب.. وكانت تهبط فى مطار البلد طائرة كل خمسة عشر دقيقة، محملة بالدبابات والملابس والإمدادات الطبية الصواريخ والذخائر، أما الطائرات الفانتوم والسكاى هوك فكانت تأتى إلينا مباشرة، حيث كان يتم تموينها فى الجو.

إن هذا الجسر الجوى لا يمكن تقدير قيمته، فقد رفع من روحنا المعنوية.. وجعلنا نصمد أمام الجيش المصرى فى سيناء.

وشعرت برغبة فى إنهاء هذه الحرب بأسرع ما يمكن وضرورة التفاوض مع العرب فى أى وقت ومكان يختاره العرب للوصول إلى وقف إطلاق النار.. ومع أن المصريين أعلنوا قبوله إلا أنهم لم يتوقفوا عن إطلاق النار يوم 22 أكتوبر واستمر القتال.

وقد تم توقيع الاتفاقية بين إسرائيل ومصر يوم 11 نوفمبر 1973 عند الكيلو 101 على طريق القاهرة السويس، ووقعها الجنرال أهاروف ياريف عن إسرائيل، واللواء عبدالغنى الجمسى عن مصر.. وهكذا تم لأول مرة من ربع قرن إجراء اتصال مباشر بين المصريين والإسرائيليين.. وعاد أسرانا من مصر، وقد بكى بعضهم كالأطفال، وفى كل يوم تقريبًا كانت هناك جنازات عسكرية للذين قتلوا فى سيناء، ثم عثر على جثثهم المتفحمة.

ومما زاد الطين بلة أن المزاج العام فى إسرائيل كان سوداويًا، برغم الشعور المتزايد بأن الفصل بين القوات قد يسفر عن سلام حقيقى.. وانطلقت الصيحات من كل قطاعات الشعب تطالب الحكومة بالاستقالة، والتغيير.. ولم تكن استقالتى أو استقالة "ديان" هى المطلوبة فى هذه العاصفة من الاحتجاج، لقد كان المطلوب أن يزال من على المسرح كل من كان مسئولاً عما حدث، وأن نبدأ من جديد بأناس جدد، أناس لم يوصموا بتهمة تضليل الأمة فى مسيرتها.

إلى هنا انتهى كلام جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل عن حرب أكتوبر 1973.

بعدها بعدة أشهر تمت إقالة جولدا مائير وموشى ديان وزير الدفاع، واليعازر رئيس الأركان.. كما تمت إقالة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلى.