رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى شرم الشيخ مدينة السلام، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى الملتقى العربى الأول لمدارس ذوى الاحتياجات الخاصة والدمج، ويأتى هذا الملتقى الهام فى ظل الاهتمام البالغ الذى توليه الدولة المصرية بمتحدى الإعاقة على اعتبار أن هذه الفئة من المواطنين شريك أساسى فى الحياة المصرية، والاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة ليس مِنّة من أحد عليهم، فالدولة الجديدة لا تعرف تمييزًا بين مواطن وآخر، فالكل مصرى، وهؤلاء ليس ذنبهم أنهم ولدوا هكذا، وليس معنى ذلك أن هؤلاء غير مبدعين أو منتجين، فهؤلاء لديهم من القدرات الكثير، وتحتاج إلى من يطلقها ويخرجها من أنفسهم وذواتهم.

وفى إطار حرص الدولة المصرية على بناء الإنسان، جاء الاهتمام بمتحدى الإعاقة، فهؤلاء لديهم من القدرة على «تحدى التحدى»، ولديهم إبداعات وقدرات واسعة، ولديهم القدرة على قهر كل ما يعجزهم فى الحياة، ولا فرق بين هؤلاء وغيرهم ممن يطلق عليهم الأصحّاء، هذه الفئة أقل ما يمكن وصفهم به أنهم أصحاب قدرات خارقة وواسعة تفيد المجتمع بالخير والنفع.. لقد مرت عقود زمنية طويلة وتجاهلت حكومات كثيرة متحدى الإعاقة، ولم تدمج هذه الحكومات هؤلاء فى المجتمع مما خلق نوعًا من التمييز، ولأن مصر الجديدة لا تعرف التفرقة ولا التمييز فالكل مواطنون، جاء الاهتمام البالغ من الدولة بهم، بعد سنوات - من عقود الزمان - عجاف، كانت نظرة المجتمع إليهم غير طبيعية وتدعو إلى الحزن والحسرة.

بعد 30 يونيو وفى الدستور الجديد للبلاد، تغيرت الصورة تمامًا وبات متحدو الاعاقة لهم مكانتهم ودورهم، لأنهم بالفعل يمتلكون من القدرات الكثير، ولا نجد من يفجرها أو يطلقها. ولذلك وجدنا متحدى الاعاقة يتفوقون ـ ليس على أنفسهم فحسب ـ وإنما على أقرانهم الآخرين فى شتى المجالات، ووجدنا متحدى الاعاقة بكل أنواعها، يحتلون المكانة التى تليق بهم، ومنهم من تولى المناصب القيادية فى الدولة، وآخرون تم تمثيلهم فى البرلمان..

وفى ظل بناء الدولة الجديدة والتى تعتمد بالدرجة الأولى على بناء الانسان، كانت التعليمات والتوجيهات الصارمة من الرئيس السيسى بإعادة النظر فى جماعة تحدى الاعاقة، والاهتمام بهم بما يليق بهم كمواطنين مصريين، والمعروف أن هؤلاء ليسوا بالفئة القليلة وإنما أعدادهم قد تتجاوز أحد عشر مليونًا من اجمالى حوالى مائة مليون مصرى. وكان حرص الرئيس على أن يكون عام 2018 هو عام ذوى القدرات الخاصة الذين متعهم الله بقدرات خارقة لا يملكها إلا هم، وقد يكونون لا يستطيعون التعبير عنها، وهنا يأتى واجب الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لتحتوى هؤلاء، وتخرج أو تطلق إبداعاتهم المختلفة.

ولقد بدأت مصر أولى خطوات إلغاء التفرقة والتمييز بين متحدى الاعاقة وغيرهم من المصريين، بالدمج داخل المدارس والتوسع فى انشاء مدارس التربية الخاصة سواء كانت للصم أو البكم أو مدارس التربية الفكرية أو مدارس النور للمكفوفين. والمعروف أن عملية الدمج من الوسائل التربوية الحديثة، وصحيح أن مصر قد تأخرت فيها كثيرًا، إلا أنها قد بدأتها فعليًا، لخلق مجتمع جديد خالٍ من التمييز أو التفرقة.. وليس ذنب هؤلاء أنهم ولدوا هكذا، فقد يصاب أى مواطن بين لحظة وأخرى، بسبب حادث وخلافه، ومن هنا كان اهتمام الدولة البالغ بضرورة الدمج بين الجميع، خاصة من مراحل الدراسة الأولى.

وهناك دول كثيرة قد سبقتنا فى هذا الدمج، إلا أنه قد آن الأوان لتبدأ مصر مرحلة جديدة فى التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، وهذا ما يحدث الآن من توجيهات وتعليمات الرئيس السيسى، وفى الملتقى العربى الأول بشرم فاجأ الرئيس الحضور بالتبرع بمبلغ خمسمائة مليون جنيه من صندوق تحيا مصر لتنفيذ خطة وزارة التربية والتعليم الخاصة بمشروعات ذوى الاعاقة، كما أن الرئيس طلب من الفريق أول محمد زكى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة أن تتولى الوزارة بناء المراكز الجديدة التى اقترحتها وزارة التعليم لذوى الاحتياجات الخاصة، وصدرت تعليمات مشددة بضرورة تعاون التعليم مع كافة الوزارات الأخرى المعنية مثل الصحة والثقافة والتعليم العالى، بالمشاركة فى كافة المشروعات التى تعنى بذوى القدرات الخاصة.

فى ملتقى ذوى القدرات الخاصة بشرم الشيخ، كان استقبال الرئيس لهذه الفئة بكل الحب والترحاب، قائلاً أهلاً وسهلاً بأهل الخير، ووصف الرئيس لهم يعنى إيمانه القاطع أن هؤلاء لديهم قدرات خارقة تعود بالخير على أهلهم وجميع أفراد المجتمع من حولهم.. تحية الرئيس لهم بهذا الشكل تعكس رسالة بالغة الأهمية لكل المصريين بضرورة تفجير طاقة وقدرات هؤلاء فى كافة المجالات.. والوزير طارق شوقى روى فى كلمته حكاية قد تكون أقرب إلى الخيال لكنها حقيقة تنم على مدى قدرة هؤلاء فى العطاء. قال الوزير إنه رأى معلمة فاضلة داخل فصل «دمج» وتعمل فيه متطوعة وإن تلميذًا مصابًا بالتوحد، أشاح بوجهه عن الوزير، إلا أن المعلمة طلبت من الوزير أن يسأل التلميذ عن أى تاريخ سينطق على الفور أن هذا التاريخ يوافق يوم كذا من أيام الأسبوع. وفعل الوزير ما طلبته المعلمة، وكانت الاجابة صحيحة مائة فى المائة، ما يعنى أن هذا المصاب بالتوحد لديه قدرة خاصة خارقة لا يمتلكها إلا هو. والأمر يحتاج إلى من يفجر هذه القدرة بداخله كما فعلت المعلمة الفاضلة.

الأمثلة كثيرة ولا تعد فى هذا الشأن، لكن الأمر يحتاج ما تفعله الدولة المصرية حاليًا من الاهتمام بالبالغ بذوى القدرات الخاصة، وتحويل طاقاتهم وإبداعاتهم إلى نفع وخير للمجتمع، ولذلك لم يكن غريبًا أن يصفهم الرئيس بأنهم أهل البركة والخير.

والمشوار فى هذا الصدد طويل ويحتاج إلى الصبر، والدولة الجديدة قد بدأته فعليًا عندما اعتبرت عام 2018 هو عام ذوى الاحتياجات الخاصة والدمج.. أليس ذلك هو بناء للإنسان المصرى من جديد؟!