رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

قد لا يحتاج أى متابع لما يدور فى منطقتنا الملتهبة فى السنوات الأخيرة خاصة بعد أحداث الربيع العربى، مجهودا كبيرا للتوصل إلى قناعة بأن دول الوطن العربى – من المحيط إلى الخليج – كما اعتدنا فى التوصيف التقليدى لها، تتعرض لخطر التفتت أو التقسيم.

ورغم أن هذا الطرح قد يلقى تحفظ البعض إلا أن الواقع يدحض أى موقف مخالف، فالعينة بينة كما يقولون. لا نريد أن نكرر ما يعتبره البعض أسطوانة مشروخة ولكن انظر حولك ستجد العبرة والعظة فيما حدث فى سوريا والعراق واليمن وليبيا.

المشكلة الأكبر أنه انطلاقا من نظرية الدومينو فإن توقعات عليمين بالأمور تذهب إلى أن حبات المسبحة لم تنفرط كلها بعد وأن البعض فى الطريق. عشت على مدى الشهرين الماضيين أجواء نقاشية حول مستقبل الدولة القطرية فى الوطن العربى وهالتنى الرؤى التى طرحها متخصصون ذوى شأن فى مجالهم من سيناريوهات بالغة الكآبة مما يمكن أن يؤول إليه حالنا فى المستقبل المنظور.

يكفى أن أذكر لك مثال لبنان تلك الدولة الصغيرة والتى يتوقع لها أن تنقسم إلى 8 كانتونات وليس دولا، على كل الألوان، فهناك دولة – فى المخطط المرسوم - شيعية وأخرى سنية، وثالثة مارونية، ورابعة.. إلخ!

ليس ذلك فقط بل إن من بين الرؤى المطروحة ما يذهب إلى وجود مخططات بشان الرؤوس الكبيرة فى المنطقة مثل السعودية ومصر. كنت أعرف من واقع متابعتى وقراءاتى لبعض ما يدور فى أروقة السياسة الأمريكية أن هناك نوايا شريرة تجاه الدولتين بشكل رئيسى إلى جانب سوريا، وكان التعبير الكلاسيكى حين ترد الإشارة إلى مصر فى مخطط التفتيت أنها «الجائزة الكبرى».

لكن لم تصل مخاوفى – وهو ما قد يكون انعكاسا لقصور فى النظر والرؤية – أن ذلك أمر يمكن أن نتوقع أن يكون مخططا أن يشهده جيلى على الأقل، غير أنى اكتشفت أن الأمر على خلاف ذلك وأن المؤامرات تدبر بليل ونهار من أجل تحقيق هذا الهدف، وأن التقسيم بات قاب قوسين أو أدنى من مختلف الدول العربية، كبيرها قبل صغيرها. كان من خلاصة ما انتهيت إليه أن الوضع يتطلب تكثيف الجهود من منطلق وطنى لمواجهة جهود التقسيم والتفتيت لمصر وغيرها.

والتصور المطروح لا يخلو من منطق فالصراع على المنطقة يتطلب تفتيتها، بما فيها مصر الدولة العصية على التطويع – بغض النظر عن أى تحفظات لك أو لغيرك على أداء السياسة المصرية خارجيا أو داخليا.

ومقومات التدخل من أجل التفتيت فى حالة مثل مصر قائمة، والمطروح فى ذلك استغلال البعض فى الداخل من أجل الترويج لقيم الحرية والديمقراطية كذريعة لسلوك هذه الخطوة. فضلا عن محاولة إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط وهو العنصر الذى يجب إيلاء أهمية كبرى له إذا أردنا تفويت الفرصة على مثل تلك المخططات.

رغم كل الرصانة التى اتسمت بها طروحات النقاشات بشأن ما يحاك لنا، إلا أن ذلك كان مبعث أسى فى النفس وحزن على ما آل غليه حالنا، فإذا كانت تلك مخاوف حقيقية على دول مثل لبنان أو حتى اليمن أو ليبيا، كيف يمكن أن تكون بنفس الصفة – مخاوف حقيقية – على دولة مثل مصر التى ربما تكون – دون أن يكون فى ذلك أى شوفينية – أول دولة فى التاريخ الإنسانى.

إذا كان ذلك يؤشر على أهميتنا فى العالم، فإنه يشير فى الوقت ذاته، دون مواربة، إلى ضعفنا العربى. وإذا كان من الطبيعى أن تقوم سياسات الدول على مؤامرات لتقويض الخصوم، فليس من الطبيعى أن يكون هاجسنا وشغلنا الشاغل هو كيفية مواجهة مخطط التفتيت.

تزداد الصورة جلاء إذا نظرنا حولنا فوجدنا الدولة اليهودية – إسرائيل – تلك الدولة التى يصح التوصيف البلدى لها «بنت امبارح» والتى لم يتجاوز عمرها 70 عاما ينتابها شاغل آخر هو شاغل التوسع والتمدد وليس تثبيت أركانها كدولة، فقد أصبح هذا الهاجس – التثبيت – شىء من الماضى.

أليس من المحزن أن دولة مصنوعة صنعا وتعيش فى بيئة غير مواتية، بمعنى أن الخطر جاثم فوق رقبتها ومن أمامها ومن خلفها ومن كل ركن من أركانها، لا يشغلها مخاوف التفتيت أو الانقسام إن لم نقل الزوال، فيما يشغل هذا الهاجس دولا علمت البشرية، بمعنى الكلمة.

أعلم أن حديثى يتطلب قدراً أكبر من الدقة، والبحث فى الأسباب التى جعلت إسرائيل فى هذه الوضعية، وربما تكون هى ذاتها الأسباب التى تفرض مخاوف التفتيت على الدول العربية حتى ولو بمنطقة «الإزاحة».. ولكن ذلك لا ينفى أو يبدد إمكانية طرح السؤال : إلى متى نظل – كعرب – مفعولاً بنا؟ ذلك هو السؤال الهاجس الذى يجب أن نشغل أنفسنا بالبحث عن إجابة له لعلها تقودنا إلى قدر من الحصانة التى تجعلنا عصاة على التفتيت أو الانقسام.

[email protected]