عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أولاً أوجه الشكر إلى الرئيس السيسى، بالنيابة عن أهل الصعيد على وجه العموم وبلدى قنا على وجه الخصوص، وبالأصالة عن نفسى، على جهود سيادته الصادقة ورغبته النافذة فى زرع الصعيد بالمشروعات التنموية وتحويله إلى مناخ خصب للاستثمار، وإزالة وصمة التهميش عنه التى ظل يعانى منها فى السنوات  الماضية، والتى حولته إلى مأوى للخارجين على القانون، ومقر للمسئولين الفاشلين، ومناخ للعادات والتقاليد البالية، وثانياً تحية واجبة لدولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى والمخ المفكر والعبقرى الدكتور هشام عرفات على تحقيقهما حلماً تأخر نصف قرن لآلاف البشر، ولى أنا كاتب هذه السطور بعد أن كدت أن أدفع حياتى ثمناً لغياب هذا الحلم وهو إنشاء كوبرى علوى فى دشنا يربط شرق النيل بغربه، علاقتى بهذا الحلم بدأت عندما كنا طلاباً فى مدرسة دشنا الثانوية. ونقيم فى قرية المراشدة غرب النيل، وكان علينا أن نعبر نهر النيل إلى الشرق للوصول إلى المدرسة، وكنا نطلق عليه البحر وحتى الآن، وكانت وسيلة عبور النهر مراكب خشبية متهالكة تسير فى النهر بمزاج التيار، حيث يجرى النيل من الجنوب إلى الشمال، ونصل إلى البر الثانى على حسب الريح ما يودى ويّاه أنا  ماشى، على رأى العندليب، كانت رحلة عبور النهر تستغرق أكثر من ساعة لسير المراكب بالشراع فتحدف المركب إلى الشمال كثيراً، ويستغرق إعادتها إلى المخرج وقتاً طويلاً، وكان ركاب المركب من كل أنواع البشر والحيوانات والخضار والفاكهة، والموظفين والعمال وكافة الطوائف من كل صنف ولون.

ودشنا بالنسبة لقرى الغرب قبل أن تتحول الوقف إلى مدينة أو مركز مستقل تتبعه قرى الغرب كانت دشنا أقرب إلى المركز التجارى والاقتصادى لحوالى نصف مليون من البشر يرتادونها كل يوم من الشرق والغرب، وكان هناك سوق وحيد يوم الأربعاء لبيع البهائم وكافة المواد الاستهلاكية.

وفى يوم تأخر المركب فى الشرق، فقررت أنا وزملائى ركوب قارب صغير، وفى عرض النيل انقسم القارب إلى نصفين ونجا جميع من فيه عن طريق العوم إلى الشاطئ الآخر إلا أنا، فص ملح وداب فى عرض النهر، كنت أجيد العوم ولكن هكذا الظروف، ضربت لخمة، وغصت فى أعماق النيل، ولا حس ولا خبر، وشاءت إرادة الله أن يتم إنقاذى فى اللحظات الأخيرة عن طريق سائق مركب لمح «فقفقة» فى الماء، فضرب يده وأمسك بى، وأنقذنى وبعد إسعافى قام ناظر المدرسة بتوصيلى إلى المنزل، وفى الطريق استقبلنى شقيقى الأكبر وضربنى علقة قاسية، وكأننى أنا البحر الذى أغرقنى فقرر الانتقام منه.

نجوت من الغرق بأعجوبة، فعمر الشقى بقى، ولكن النهر فى هذا المكان وهو مكان المعدية، أو المراكب التى اعتادت على توصيلنا إلى البر الشرقى تسبب فى غرق المئات الذين غاصت بهم المراكب فى الأعماق، وكان لا يمر أسبوع إلا ونودع بعض الأهالى الذين يغرقون فى هذه المنطقة.

ولن يكون إنشاء كوبرى دشنا على النيل والذى اتخذ قراره الدكتور مدبولى فى اجتماع مع محافظ قنا اللواء عبدالحميد الهجان فى حضور وزير النقل هشام عرفات مجرد نقل الركاب بالسيارات من الغرب إلى الشرق والعكس لحمايتهم من الغرق، ولكن سيكون مصدر اشعاع حضارى واقتصادى، يكفى انه سينقل التجارة بين دشنا والوقف، وهما مركزان مهمان حيث قصب السكر فى الغرب ومصنعه فى دشنا، يكفى أن سيارة نقل القصب والتى تبلغ حمولتها  حوالى «15» طناً تستغرق حالياً  حوالى «5» ساعات  للوصول إلى مصنع سكر دشنا والعودة، ففى وجود الكوبرى لن تستغرق هذه المسافة «15» دقيقة، فهذا توفير للوقت والوقود فى نقل هذا المحصول الاستراتيجى الى المصنع.

إذا تم إنشاء هذا الكوبرى فى المنطقة الواقعة شمال مصنع سكر دشنا فإن مردوده سيكون إيجابياً على مركز الوقف وخاصة قرية المراشدة التى تتميز بظهير صحراوى كبير يضم آلاف الأفدنة الزراعية والصناعية.

الصعيد فى عهد السيسى أصبح آمناً بعد خوف لأنه وجد من يحنو عليه ويؤكد له أنه قطعة غالية من الدولة لا يمكن إهمالها، وستعود له حقوقه التى حرم منها فى العهد البائد.