رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

مرّ خبر، مؤلم، دون أن يلفت نظر الكثير، رغم خطورته الاقتصادية، والنفسية، على كل مصرى، وهو قرار تصفية الشركة القومية للأسمنت التى أنشئت عام 1956.. وهى أعرق وأقدم شركات القطاع العام التى كانت وراء بناء السد العالى.. أعظم مشروعات القرن العشرين فى العالم!

.. هذا القرار، الذى ذكره وزير قطاع الأعمال هشام توفيق بصورة عابرة، فى مناسبة بجامعة المنوفية مؤخراً، وكأنه يريد أن يمرره علينا، من المؤكد قد اتخذه، بناء على توصية ما.. وحقيقة لا أعرف، من استشاره الوزير، ليوصيه بالتصفية فوراً.. سواء كان هذا المستشار لجنة من الخبراء أو مجموعة من المستشارين (الذين ابتلينا بهم فى كل الوزارات)، ولا أعرف، أيضاً، هل كان بينهم أحد من رؤساء شركات الأسمنت الخاصة (التى لا تخسر).. المهم قد اتفقوا على تصفية الشركة القومية للأسمنت.. دون أن يشعر واحد منهم بوخزة ألم وهو يوصى بتصفية صرح كان شاهداً على بناء دولة!

.. ولا أعرف إذا كان قرار الوزير، يعكس شجاعة لأنه قام بضرب المسمار الأخير فى نعش الشركة المقتولة، أم فشل؟!.. هل كان الوزير شجاعاً لإيقاف نزيف خسائر الشركة، التى وصلت إلى ٩٠٠ مليون جنيه، و5 مليارات و100 مليون جنيه مديونيات للغاز والكهرباء، أم هو فشل فى الوصول إلى حلول لإنقاذ صرح من أكبر صروح الصناعة المصرية، ساهم فى بناء كل المنشآت العظيمة للشعب من أول السد العالى حتى أصغر وحدة صحية فى أصغر قرية!

.. ويتساءل الكثير منا، لماذا توقف بناء هذه الدولة من ثورة 23 يوليو52 وحتى ثور 25 يناير 2011.. وماذا حدث بالضبط.. هل هى هزيمة 67؟!.. ولكن إسرائيل كانت مهزومة أيضاً فى 73 ولم تبع مصانعها، ولم تسرح عمالها، ولم ينهر اقتصادها، ولم تتدهور خدماتها الصحية والتعليمية، ولم تترك الزبالة والمطبات فى الشوارع، ولم تعلق كل سوءاتها على شماعة هزيمة يوم الغفران.. مثلما فعلنا!

.. فلماذا توقف بناء هذه الدولة بين الثورتين؟!.. الحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال الذى كان من الأسئلة العويصة على أذهان المتسائلين الدائمين أمثالنا، وعلى أمثال عموم كل الشعب، الذين يؤلمهم هذا الانهيار المستمر، وغير المبرر، فى كل أحوال البلد، فإن إجابته جاءت ببساطة فى قرار تصفية الشركة القومية للأسمنت.. لأن الفساد الذى اشتركنا فيه جميعاً، كان هو السبب فى تصفية هذه الشركة.. بداية من حصول الحكومات المتعاقبة على إنتاجها للمنشآت العامة، دون أن تدفع مقابل، ومروراً بالموافقة على الآلاف من طلبات التوظيف التى قدمها أعضاء البرلمان منذ أن كان مجلساً للأمة، ثم للشعب، دون حاجة الشركة لموظف واحد منهم، ثم فساد مجالس الإدارة.. الذين قاموا أخيراً بكل جبروت بإنفاق 5 مليارات جنيه على عمليات تطوير الشركة ثم قرروا تصفيتها.. وذلك لم يكن فقط السبب فى تصفية شركة الأسمنت.. بل السبب فى تصفية مصر كلها!!

[email protected]