رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

بعد انتهاء إجازة العيد مباشرة.. شاء حظى التعيس أن أسافر.. بعيداً عن زحام القاهرة وجوها الخانق.. ورغبة منى فى الهروب من زحمة القطارات.. وعدم قدرتى على حجز تذكرة سفر.. قررت السفر بالميكروباص.. وبمجرد أن ركبت.. وكنت الراكب الأخير.. انطلق السائق بالعربة.. ولكنه بدأ الرحلة بالتنبيه على الركاب.. بأن الأجرة زادت عشرة جنيهات.. وهنا دارت معركة حامية الوطيس.. دارت بين الركاب وسائق الميكروباص الحرامى حول الأجرة.. فالسائق يريد تحصيل أجرة مضاعفة.. والركاب مصرون ورأسهم ألف سيف.. على عدم دفع أى زيادة فى الأجرة.. المحددة سلفاً من الحكومة.. وهى التى يعلن عنها فى إعلان ملصق على زجاج العربة الأمامى!!

السائق يصر على رأيه.. حتى لو اضطر لتنزيل الركاب من السيارة.. ويؤكد لهم أن كل السيارات ستحمل بهذه الأجرة المضاعفة.. وهو محق طبعاً وواثق فى صدق كلامه.. لأن كل السائقين اتفقوا فيمن بينهم على رفع قيمة الأجرة من تلقاء أنفسهم.. والمبرر جاهز وموجود.. ألا وهو ارتفاع ثمن البنزين والسولار.

والركاب ما زالوا على عنادهم - ومعهم الحق طبعاً - فى عدم الانصياع لجشع واستغلال السائق.. ومبررهم أيضاً جاهز.. وهم محقون فيه، أيضاً، وهو ضيق ذات اليد.. وعدم قدرتهم على دفع زيادة الأجرة التى يريد السائق تحصيلها منهم!!

ولكن ككل الظروف المشابهة.. بدأ الانهزاميون فى ممارسة دورهم.. وبدأ بعضهم يهدئ من روع الركاب.. بحجج واهية.. معلهش يا جماعة دى حاجة بسيطة.. يعنى إيه عشرة جنيه زيادة.. هو العشرة جنيه النهاردة بقت تجيب حاجة.. دى حاجة بسيطة.. وهو الراجل يعمل إيه ما هيه زيادة البنزين والسولار علينا وعليه برضه.. ولا هو يتحملها لوحده يعنى.. وبلاش تعقدوها خلينا نوصل بالسلامة.. وكل واحد يقضى مصلحته بدرى بدرى!!

كل ذلك والسائق الحرامى.. يرقب تلك المحاولات الانهزامية.. التى تشق صف وحدة الركاب.. يرقبها بعين الرضا والسرور.. بعد أن بدأت ملامح النصر.. فى فرض إرادته على ركاب الميكروباص تلوح فى الأفق.

وشيئا فشيئاً بدأت انفعالات الركاب تهدأ.. وارتفعت عقيرة أحد الانهزاميين.. خلاص ياعم اتكل على الله.. ربنا يستر طريقك!!

كل ذلك وأنا أرقب كل تلك المساجلات فى صمت شديد.. لم أبد فيها أى رأى.. ربما نزعاً من السلبية التى تعودنا عليها فى حياتنا.. وربما لثقتى الشديدة فى انتصار السائق اللص.. ونجاحه فى فرض إرادته على الركاب!!

المهم أن السائق بعد هذه المعركة.. وهدوء انفعالات الركاب.. ضغط بيده التى تستاهل قطعها.. والتى سيمدها لسرقة الركاب.. وتحصيل الأجرة الزيادة.. مد يده نفسها إلى أحد أزرار المذياع لينطلق صوت الشيخ محمد رفعت مرتلاً آيات من القرآن الكريم.

وهنا لم أتمالك نفسي.. وقلت للسائق الحرامى.. بصوت عال ربنا يقوى إيمانك ياعم الحاج!!

فانفجر كل ركاب العربة.. فى موجة ضحك متواصل.. بل إن عدوى الضحك انتقلت إلى السائق الحرامى نفسه.. والذى انفجر فى الضحك هو الآخر!!

فقلت فى نفسى فعلاً شر البلية ما يضحك!