سطور
فقد انبهرت بأكثر من شخص من هؤلاء الشباب ممن يستخدمون نعمة (عقولهم) ويحسنون استغلال هذا العقل، ويحققون من خلاله مكاسب في عالم الواقع، يصنعون من التحديات فرصًا، يتحدثون بإيجابية وفي نبرات أصواتهم تشعر بقوة الإيمان بالله وبالنفس، وكأنهم ينشرون أجواءً من الخير والحب والسلام، فكم هم أذكياء! ولذا ترى حياتهم مختلفة حقًا.
كما سأصارحكم أيضًا- وبكل أسف- بالألم النفسي الشديد الذي أَلَمَّ بيّ من جراء الحديث مع البعض الآخر ممن قرَّروا أن يغلقوا عقولهم، وراحوا يهربون إلى عوالم افتراضية، لتجدهم يتحدثون إليك حديثًا به الكثير من كلمات اليأس والضعف وقلة الحيلة، وينشرون الأفكار من خلال روايتهم السلبية والمحبِطَة أفكارًا عدوانية تحمل كراهيةً وتطرفًا في الأفكار والمشاعر.
بتلك الكلمات كنت قد ختمت مقالى السابق، واليوم أستكمل معكم الباقى حول ( فكرة الالتزام الخلقى بأن يكون الإنسان ذكيا). وأتدكر كلمة شهيرة كان قد قالها «ماثيو أرنولد» مدافعا عن الثقافة فى مقالم ما، فلقد قال إن الغرض من الثقافة هو : ( أن تجعل السيادة للعقل وإرادة الله ) وقد اقتبس هذا التعريف من رجل انجليزى. ثم قال إن الغرض من الثقافة لو عبرنا عنه بطريقة أخرى هو : (أن تجعل أى مخلوق ذكى أكثر ذكاء ) واقتبس هذا التعريف من رجل فرنسى، هذا وقد قبل «أرنولد» – كقضية مسلم بها – أن يكون الاساس للثقافة هو الاخلاق.
ولعلى أشك فى أن «أرنولد» قد علمنا الكثير، إن كل ما فعله هو أن أحرجنا مؤقتا!!!.
فحين نفكر فى طبيعة المشاكل التى تبحث عن حل فى أيامنا، يخيل للكثير منا – على الأقل – أن الذكاء هو الوسيلة والفضيلة التى نحتاج إليها، وعندما نفكر بشىء من العمق، فإن الكثير منا أيضا يصل إلى أن الشجاعة والصمود صفتان لا يمكن الاستغناء عنهما فى حل المشاكل التى تواجهنا.
فإذا أردت الخروج من السجن، فإن ما تحتاج إليه هو ( مفتاح للقفل)، ولن تجد المفتاح المطلوب إلا فى فضيلة ( الذكاء) والتى أرى أنها التزام خلقى على جميع بنى البشر، وينبغى الأخذ فى الاعتبار أيضا بأن هناك علاقة دائما بين نوع المشكلة والوسيلة التى يجب أن نختارها لحلها كما يجب الإدراك والاعتراف كذلك بأنه ليس كل المشاكل يمكن حلها بقوة الإرادة، فلو جاءك سهم منطلق فى ظلام الليل – لا قدر الله – فماذا يستطيع الذكاء أن يفعل حينها أو حتى قوة العضلات أو الشجاعة؟!.
نحن نلعن عقبات الحياة كما لو كانت شياطين ، ولكنها ليست شياطين ، إنها عقبات.
ومازال لحديثنا بقية نستكملها سويا فى الأسبوع المقبل بإذن الله.