عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

قبل ثورة يناير كتبت هنا عن الوثائق المحفوظة فى محكمة الحقانية بالإسكندرية، ودعوت وزارة الثقافة إلى إنقاذها من التلف ونقلها من الحقانية إلى دار الوثائق، وبعد أن شب حريق فى مبنى المحكمة سنة 2010، كتبت وتساءلت: ما هو مصير الوثائق؟، ويومها اتصل بى الصديق المستشار عبدالسلام تمراز مساعد وزير العدل آنذاك، وأكد لى أن الوثائق فى أمان ولم تمسها النيران، واتفقنا أن نلتقى فى مكة المكرمة خلال أداء فريضة الحج، حيث كنت على وشك السفر لأداء الفريضة، وهو كان على سفر لرئاسة وفد حجاج وزارة العدل، وللأسف وسط الزحام لم نلتق.

فى عام 2004 تعرفت على المستشار تمراز، وكان يشغل منصبا هاما فى الحقانية(لا أذكره)، فى جلسة جمعتنا بكافيه «أفندينا» فى استانلى بالإسكندرية، وكانت الجلسة تضم بعض القضاة ورؤساء المحاكم، وخلال الجلسة حدثنى المستشار تمراز عن أرشيف الحقانية، وحلمه فى إقامة معرض يضم قضاياه ولوحاته، وأكد لى انه يضم ملفات قضايا تعود إلى عام 1870 فيما فوق، ولأهمية الأرشيف اتفقنا على أن يستضيفنى فى مكتبه بمبنى الحقانية بالمنشية فى الصباح والاطلاع على هذا الكنز، فى الموعد كنت فى مكتبه واحتسيت القهوة وأنا أستمع لحلمه عن المتحف الذى يريد إقامته فى المبنى، بعد فترة اصطحبنى إلى الغرفة التى تضم اللوحات الأثرية، وطلبت منه أن يتركنى أطلع لفترة ثم ألتقيه فى مكتبه.

كانت القضايا مرتبة حسب السنة والشهر فى حافظة ورقية تم ربطها بدوبارة، ووضعت على أرفف من الخشب وبعضها حديد، حوائط الحجرة التى تضم الملفات أكلتها الرطوبة، وأرضيتها خشبية تآكل بعضها منذ سنوات، وأذكر أن الأرفف كانت تضم سجلات قضايا تعود إلى أكثر من مائة سنة، بعضها يعود للمحاكم المختلطة تمت كتابتها باللغة الفرنسية، وكانت السجلات مجلدة بمشمع أخضر وأخرى بمشمع أزرق، كتب على كعبها وصدرها المحكمة المختصة وسنوات القضايا.

 قضيت أكثر من ساعة فى الحجرة، وأذكر أنها لم تكن كبيرة، كان سقفها مرتفعًا مثل جميع المبانى القديمة، ألوان حوائطها لا تستطيع تحديدها بسبب الزمن والرطوبة، اطلعت على العديد من القضايا فى أكثر من حافظة، أغلب ما قرأت كان مشاكل تجارية وقضايا ميراث، وبالمصادفة وقعت فى يدى قضية تعود لأوائل فترة الثلاثينيات، لسيدة تتنازع مع أقاربها على محل تجارى كان لزوجها، وكانت القضية تنظر أمام إحدى محاكم الإسكندرية، وكانت المفاجأة أن المحامى الذى كان يترافع فى القضية لصالح السيدة هو أحد أفراد عائلتي، الأستاذ زكى عريبى المحامى اليهودى الشهير، مكتبه كان فى شارع خيرت بالسيدة زينب، وكان عضوا فى البرلمان المصرى قبل سنة 1952، وقد كان ضمن اللجنة التى اختارها الرئيس عبدالناصر لإعداد أول دستور للبلاد، ولم يظهر للنور لأسباب تعود لقيادات الثورة آنذاك.

بعد عودتى من الحج انشغلت فى العمل والكتابة، وفجأة قامت ثورة يناير وبعدها ثورة 30 يونيو، ومنذ تاريخه لا أعرف ما هو مصير هذه الوثائق؟، هل عرضت فى متحف كما كان يحلم المستشار تمراز؟، هل نقلت لدار الوثائق؟، هل مازالت فى الحجرة نفسها بمبنى الحقانية؟.

 

[email protected]