عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

عندما كنت أستعد لمرحلة التعليم الإعدادى وتوديعى للجلابية الصعيدى والشنطة القماش واستقبالى لأول بنطلون وقيمص فى حياتى للذهاب بهما الى الصف الأول الإعدادى كان الرئيس أنور السادات يجتمع مع قيادات الجيش للإعداد لحرب أكتوبر التى حطمنا فيها غرور العدو الإسرائيلى واسترددنا سيناء العزيزة حيث فى سبتمبر عام 1973  كان ملف حصولى على الشهادة الابتدائية قد استقر فى مدرسة الوقف الإعدادية ومر حالياً على هذا اليوم 45 عاماً وهو ذكرى انتصار أكتوبر التى سنحتفل بها بعد حوالى أسبوعين، وفى إطار استعدادى للعام الدراسى اشتريت الملابس الجديدة وكانت عبارة عن بنطلون قماش أسود بمبلغ خمسين قرشاً وقميص قطن أبيض بأربعين قرشاً وحذاء جلد بخمسة وثلاثين قرشاً، وكانت الحمير وسيلة المواصلات الوحيدة الى المدرسة، فاشتريت حماراً بمبلغ ستة عشر جنيهاً، وانطلقت به على الطريق الزراعى الضيق الى المدرسة الإعدادية فى تمام الساعة الخامسة صباحاً حتى ألحق موعد طابور المدرسة فى السابعة، وكان الحمار أصيلاً لتوصيله لى فى الموعد بعد اتفاقية عقدها معى مضمونها: الغذاء مقابل التوصيل فكنت أقدم له التبن والذرة والبرسيم الذى يقوم بدور البنزين فيجعل الحمار يطوى الطريق طياً لألحق بالطابور وإلا سيكون عقابى قاسياً من المدرس المشرف على طابور الصباح وهو ضربى أربع خرزانات على يدى وهو ما لم يحدث بفضل الحمار وفضل إصرارى على احترام الوقت والواجب وهو مازلت أحرص عليه حتى الآن.

كان البلد فى هذه الفترة نفسه مكسورة والجميع متأثر بهزيمة 1967 وزاد عليها مجزرة بحر البقر التى ارتكبتها إسرائيل يوم «8 إبريل» عام 1970 فى عمل وحشى يتنافى مع كل الاعراف والقوانين الإنسانية، عندما قصفت طائرات الفانتوم الإسرائيلية مدرسة بحر البقر بمركز الحسينية ـ شرقية وأدت الجريمة البشعة الى مقتل 30 طفلاً و50 مصاباً كانوا في مثل سنى أى زملائى فى الابتدائى، فى طابور الصباح بالمدرسة الإعدادية كنا مازلنا نردد نشيد الله أكبر الذى كنا ندعو فيه الله أن يأخذ إسرائيل ونقول: الله أكبر فوق كيد المعتدى.

يا هذه الدنيا أطلى واسمعى

 جيش الأعادى جاء يبغى مصرعى

 بلدي ونور الحق يسطع فى يدى

 قولوا معى قولوا معى

الله الله الله أكبر

الله فوق المعتدى

 ولم يأخذ الله إسرائيل كما كنا ندعو ونحن أطفال فى الصف الأول الإعدادى، ولكنه كان معنا ومع جيشنا ومع القائد أنور السادات الذى كان فى هذه الأيام يخطط للثأر لتلاميذ مدرسة بحر البقر، ولكل ما خسرناه فى حرب 1967 أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان السادات فى  غرفة عمليات الجيش يضع خطة الحرب مع القادة، واختار يوم 6 أكتوبر موعداً للضربة الجوية، فى صباح هذا اليوم، وصلت الى المدرسة بعد أن قطعت بالحمار حوالى سبعة كيلو مترات وجرشت الحمار فى المنطقة التى اعتدت على ربطه فيها، وحملت حقيبتى المصنوعة من البلاستيك أو أكياس السماد، وعندما هممت للدخول من باب المدرسة وجدته مغلقاً على غير العادة، وتجمع كل تلاميذ المدرسة من جميع الصفوف من الأول الإعدادى حتى الثالث الإعدادى، واستمر إغلاق الباب دون أن نعرف السبب، رغم أن اليوم هو يوم دراسى وهو يوم السبت السادس من أكتوبر.

 فى حقبة السبعينيات لم تكن هناك فى القرى وسائل اتصال ولا راديو ولا تليفزيون، وعدت مع زملائى الى القرية لا نعرف سبب إغلاق المدرسة، وعرفنا فى نفس اليوم أن الحرب قامت، وأن جيش مصر العظيم قرر عبور الهزيمة وتحقيق النصر على العدو  الصهيونى. استمر إغلاق المدرسة حوالى شهر وعرفنا أن الله نصر عبده وأعز جنده، وانتصرنا على اسرائيل وحطمنا خط بارليف الذى لا يقهر واستعدنا الأرض، كانت سعادتى بالنصر وأنا طفل فى الصف الأول الإعدادى لا توصف ولا أنسى حتى اليوم زملائى فى مدرسة بحر البقر الذين هم فى مثل سنى حالياً رحمهم الله رحمة واسعة، ورحم الله بطل الحرب والسلام القائد محمد أنور السادات، وبارك الله فى جيش مصر الذى أصبح لنا درعاً وسيفاً.

واليوم يبدأ عام دراسى جديد وتبدأ ثورة تعليمية جديدة نتمنى لها النجاح فى علاج تشوهات العملية التعليمية وبعد أيام نحتفل بالذكرى 45 على انتصار حرب أكتوبر، أدام الله علينا الأعياد والانتصارات وأدام لنا مصر قوية بين الأمم، نُخلص لها ونفتديها ونغنى لها: بلادى بلادى  لكِ حبى وفؤادى.