رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يعزّ على الإنسان الإساءة إليه من أعز الناس.. ويأخذ على خاطره لما يتجاهله أقربهم إلى قلبه، ولا ُيعمل له اعتبار أو وزن، رغم أنه القيمة الحقيقية فى حياتهم، التى تظهر فى وقت الشدة.. والمصرى لم يترك بلده أبدًا وقت حاجتها إليه.. ولم يعرف طريقه إلى الهجرة، والسفر خارجها إلا بعد انتهاء أوقات الهزيمة.. والمصرى، غالباً، لم يترك وطنه إلا وهو منتصر، فهو ذو بأس شديد، مثل الحديد عندما يحتاجونه، ومع ذلك فهو عاطفى بطبعه، وضعيف تجاه هذه الأرض، ويعشقها بولع غريب.. فلا تقسُ عليه لأنه أيضًا مثل الأطفال حزنه شديد!

وعندما تنشغل وزيرة الصحة، فى أول أيامها بالوزارة، بإذاعة السلام الجمهورى وقسم ابقراط، ولا تنشغل بخطط تحسين خدمات المستشفيات الحكومية المتدنية، وتحديث أجهزتها ومستلزماتها الطبية المتهالكة.. فاعرف أن الكتاب يُعرف من عنوانه.. ولما تتهاون فى بحث مشكلة قوائم انتظار مرضى الحالات الحرجة، وتتركهم للموت كحل وحيد للانتهاء من قائمتهم الطويلة.. فهذه قسوة شديدة على المرضى، وانعدام للرحمة، ليس فقط من قلب الوزيرة بل من كل مسئول بوزارة الصحة.. فليس من المعقول أن يموت الناس فى مصر من العلاج وليس من المرض!

ومن المؤكد أن الضحايا الثلاثة فى وحدة الغسيل الكلوى فى ديرب نجم بالشرقية كانوا يشاركون بما تبقى لهم من صحة فى النشيد الوطنى.. ولكن للأسف هذا لم يشفع لهم لدى الوزيرة، ويستفزها للتفكير لمرة واحدة فى الاجتماع بوكلاء وزراء الصحة فى المحافظات للتعرف على المآسى والكوارث الطبية والإنسانية فيها، بدلاً من أن تكتفى بالتقارير الكاذبة التى تصلها التى لا تعكس سوى حقيقة واحدة هى أن السيد وكيل الوزارة يعمل بجهد واجتهاد على الورق.. ولكن كيف تهتم وهى مشغولة بترديد الأطباء قسم أبقراط لتحفيزهم على العمل بذمة وضمير.. بينما لو كانت هناك ذمة أو ضمير، فما كان هؤلاء المواطنين ماتوا!

وكل ما أخشاه أن يدفع الموظفون الصغار، كما يحدث عادة فى كل مصائبنا، ثمن أخطاء المسئولين الكبار.. فإن الشعب المصرى يدفع لوحده من دماء أبنائه، ومن كرامته، ومن تقدم وطنه الذى يعشق ترابه هزائم وفساد المسئولين منذ عشرات السنين.. حتى محافظ القاهرة الذى لم ينفذ تعليمات رئيس الجمهورية بعدم إنارة طريق المطار، رغم لفت نظره إلى ذلك، وكان من الشجاعة أن يؤكد عكس ما قاله الرئيس على غير الحقيقة.. وهذه شجاعة يحسد عليها، سيستخدمها مع صغار الموظفين بالمحافظة، ويحاسبهم بشدة، لإنارة طريق المطار بالنهار قبل الليل.. بينما طرق بهتيم أو مسطرد لن تشغله لأن رئيس الجمهورية لا يمر من هناك!

فلا تقسُ على الناس بدون شفقة.. فإن هذا الشعب، من أكثر شعوب الأرض الذى عانى من مسئوليه أكثر مما عانى من أعدائه.. هذا الشعب خرج إلى الشوارع يصرخ فى 67 سنقاتل، وتحمل شظف العيش لدفع ثمن سلاح انتصاره فى 73.. وهذا الشعب هو الذى خلع نظام مبارك الفاسد، وعزل مندوب الإخوان فى الرئاسة.. وهو الذى يواجه الفساد بمفرده، ويحارب الإرهاب لوحده.. فكونوا رحماء بالناس، ولا تستكثروا عليهم بأقل الخدمات فى مستشفى إنسانى أو وشارع آدمى.. فهل إجراء عملية جراحية عاجلة أو إنارة شارع يحتاج إلى تدخل رئيس الجمهورية؟!