رؤى
الحديث عن الوضع المالى للموظفين وأصحاب المعاشات أصبح «من نوافل القول»، ارتفاع أسعار السلع، وارتفاع فواتير الخدمات «الكهرباء، والغاز، والمياه» والمواصلات حاصرهم فى وضع «غنى عن البيان»، حدث ولا حرج، حملهم كل أعباء الإصلاح الاقتصادى دون أن ينظر إليهم بعين الرأفة.
أول مرة سمعت فيها جملة: من نافلة القول، كنت فى سنوات الطفولة، رددها شيخ جامع أبو دياب بقريتنا «قحافة مركز طنطا غربية»، كان المسجد من الطوب اللبن، وكانت أمامه باحة يقام فيها مولد أبو دياب، بالطبع لا أذكر من هو أبو دياب؟، وهل كان بالمسجد مقام له؟، ومتى جاء قحافة؟، ولماذا أقاموا له مقامًا؟، كما أننى لا أتذكر كذلك اسم ولا ملامح خطيب المسجد.
ما أتذكره جيدا أن خطيب المسجد كان يردد هذه الجملة من فوق المنبر الخشبى فى كل خطبة من خطب صلاة الجمعة، يرفع يده، ويلمح بإصبعه ويقول: من نافلة القول، بالطبع لم أكن أفهم معناها، وفى جلسات اللعب التى كنا نعقدها مساء بجوار بقالة عم شبل، كنا نقلد الشيخ، يقف أحدنا ويردد جملته الشهيرة: من نافلة القول، وكنا نضحك، ونسرع إلى صديقنا ونقبل يده ثم نجتمع على ضربه، ونقول له: اقعد يا شيخ عفريت.
من المؤكد أننى سألت عن معناها، متى، ومن؟، ربما والدى، وربما جدى الحاج بسيونى، وربما من يكبرنى سنا من الشباب، ما أذكره أنه أو أنهم أحالونى إلى صلاة النوافل، لم أفهم بالطبع العلاقة بين النوافل وبين من نافلة القول، الأولى صلاة «سنة» نؤديها اقتداء بالرسول، والثانية جملة يرددها الخطيب، ما علاقة النوافل بنافلة القول؟.
فى المرحلة الإعدادية ملت على أستاذ اللغة العربية:
ــ يعنى إيه: من نافلة القول؟
ــ غنى عن البيان
ــ مين
نصحنى المدرس بالرجوع إلى معجم اللغة، واقترح مختار الصحاح، ولعدم توفر المعجم فى مكتبة المدرسة آنذاك، تناسيت المسألة، وعندما دخلت مرحلة الشباب وتوفرت أمامى المعاجم، كشفت عن: من نافلة القول، تجمع: نوافل ونافلات، والنافلة: ما تفعله مما لا يجب عليك فعله، ونافلة القول: ما لا حاجة لذكره لوضوحه.
للإنصاف، أو من نافلة القول، مرتبات الموظفين، ومعاشات المتقاعدين تحتاج بالفعل لإصلاح عاجل قبل فوات الأوان، فحالة الموظفين وأصحاب المعاشات غنية عن البيان لمن يرى ويشعر ويفهم فى هذا النظام، الناس بتسف تراب.