رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

هناك طريقتان خالدتان للنظر إلى العالم الذي نعيش فيه، فهناك من ينظر إلى وقت الشفق على انه بداية لعتمة ظلام (الليل)، وهناك من ينظر إليه على انه بداية لتباشير نور (الصباح)، وما بين الازدواج في حياتنا على أرض الواقع وسط الناس، وحياتنا على أرض الأحلام وسط الخيال تعيش فكرة (الهروب).

ويتجسد الهروب أكثر عند من لا يؤمنون بأن هناك التزامًا خلقيًا على البشر بأن يكونوا أذكياء، ولا تتعجبوا من ذلك، فلقد خلق لنا الله العقل، وميَّزنا بتلك النعمة، وأفضل شكر على نعمةٍ مَا هو استخدامها والاستمتاع بها، وهذا في حد ذاته يعد من (الذكاء) الذي أشرت منذ قليل بأن هناك التزامًا خلقيًا علينا جميعًا أن نكون أذكياء، حيث إن الغباء الذي هو عكس الذكاء يعد أصل كل الشرور على كوكب الأرض.

فالأذكياء أبدًا لن تجدهم يهربون من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي، بل غالبًا ما يحاولون تجسيد أحلامهم وترجمة خيالهم إلى واقع ملموس، وحتى لو لم تنجح كل المحاولات أو تكتمل، فشرف المحاولة في حد ذاته كاف حتى يشعر الإنسان بإنسانيته وآداميته.

وقد يسألني البعض: لماذا أكتب تلك السطور اليوم تحديدًا؟! وسأجيب بدوري في الحال: فمنذ يومين تقريبًا كان قد دار حديث بيني وبين عدد من الشباب- من الجنسين- غلب فيهم عددًا العنصر الرجالي، وقد تراوحت أعمار الجميع بين العشرين والأربعين عامًا، منهم من لازال يدرس، ومنهم من يعمل- سواء استقر في وظيفة ما أو يعمل بها بشكل مؤقت- ومنهم من هو أعزب، ومنهم من تزوَّج، والبعض منهم لديه أبناء أيضًا، وقد تطرَّقنا خلال حديثنا للعديد من المواضيع المتنوعة في مختلف المجالات: السياسة، الدين، الرياضة، الفن، الحب، الثقافة..إلخ، وربما غيرها من الموضوعات الأخرى، ولعل ما لفت نظري وتوقفت عنده كثيرًا بعد هذا الحديث المتشابك بين ما قد يكون خاصًا وما هو عام، وتلك الجلسة المطولة والمترامية الأبعاد، هو طريقة التفكير أو تعاطي الأمور بصفة عامة لدى البعض منهم؛ فقد انبهرت بأكثر من شخص من هؤلاء الشباب ممن يستخدمون نعمة (عقولهم) ويحسنون استغلال هذا العقل، ويحققون من خلاله مكاسب في عالم الواقع، يصنعون من التحديات فرصًا، يتحدثون بإيجابية وفي نبرات أصواتهم تشعر بقوة الإيمان بالله وبالنفس، وكأنهم ينشرون أجواءً من الخير والحب والسلام، فكم هم أذكياء! ولذا ترى حياتهم مختلفة حقًا.

كما سأصارحكم أيضًا- وبكل أسف- بالألم النفسي الشديد الذي أَلَمَّ بيّ من جراء الحديث مع البعض الآخر ممن قرَّروا أن يغلقوا عقولهم، وراحوا يهربون إلى عوالم افتراضية، لتجدهم يتحدثون إليك حديثًا به الكثير من كلمات اليأس والضعف وقلة الحيلة، وينشرون الأفكار من خلال روايتهم السلبية والمحبِطَة أفكارًا عدوانية تحمل كراهيةً وتطرفًا في الأفكار والمشاعر.

ولحديثنا بقية...