رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

قيل: إن الزعامة مثل النبوة، اللقب لا يسقط بالتقادم، ولا ينزع عمن فشل فى تحقيق رسالته، ويظل اللقب(الزعيم أو النبى) مع حامله الفاشل حتى بعد رحيله.

مثل أغلب أبناء جيلى كنت أحب عبدالناصر، هو الزعيم والبطل والمنقذ، وصلت بنا الأمور إلى أننا منحنا أولاده صفات خارقة مثل والدهم:: لو كنت ابن جمال عبدالناصر اعملها.

كان أهلينا يهمسون فى البيوت عندما يذكر اسم عبدالناصر، وكانوا على المقهى وفى المحلات يلتفتون يمينا ويسارا عند ذكر عبدالناصر، فى الكوارث كان المصريون يلتفون حول الإذاعات الأجنبية، خاصة الإذاعة البريطانية.

عندما كبرنا وأدركنا عرفنا أن عبدالناصر أقام بعض المشروعات الجيدة: السد العالى، الحديد والصلب، الألمونيوم، كيما، المصانع الحربية..، لكنه فى النهاية ضيع أموال وشباب المصريين فى حرب اليمن، وضيع أراضيهم فى هزيمة 1967، كما ضيع أجزاء من الأراضى الأردنية، والسورية، واللبنانية، وضيع جميع الأراضى الفلسطينية، العدو الصهيونى احتل جميع فلسطين، الأهم من كل هذا حول أغلبية الشعب إلى مجموعة من الجبناء والعبيد.

بعد أن أطاح عبد الناصر باللواء محمد نجيب، قام بتقسيم المناصب بينه وبين المقربين منه من العسكريين، ورفع شعار: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، تم تأميم كل شئ، الثروات، الشركات، الحريات، حتى كرامة المصرى أصبحت على المحك.

أغلق جميع الصحف الحزبية والخاصة، واكتفى بجريدتى الأهرام والأخبار بعد تأميمهما، وأضاف إليهما جريدة الجمهورية، الأخبار المنشورة فى الصحف الثلاث واحدة، كأن الرقيب الجالس فى كل جريدة هو الذى يقوم بصياغتها، لم تختلف نشرات الأخبار التى تبث فى الإذاعة وقنوات التليفزيون، الذى أنشأه فى الستينيات، عن الأخبار التى يسمح بتمريرها الرقيب المسئول فى الصحف.

عندما قامت إسرائيل بضرب مصر فى عام 1967، لم يصدق الشعب المصرى ما يسمعه فى إذاعة صوت العرب، والشرق الأوسط، والقاهرة، كانت الطائرات التى تسقطها مصر للعدو الصهيونى بالعشرات كأننا فى رحلة صيد بط أو فراخ، معظم المصريين كانوا يعلمون جيدا كذب النظام، وكانوا يثقون فى عدم قدرته على مواجهة الجيش الإسرائيلي، كما كانوا يعلمون جيدا أن الإعلاميين فى الصحافة والإذاعة مجبرون على الكذب والتبرير والتجميل، وأن الرقيب هو الذى يقرر ما ينشر ويذاع، برروا هذا: بأن الزعيم يريد توحيد الصفوف والأصوات، وأن المعركة طويلة وشاقة، وتعدد الأصوات والآراء يشتت الزعيم ويضعف البلاد، لذا تقرر: أن لا يعلو صوت فوق صوت المعركة،

 توجهنا جميعا تجاه الإذاعة البريطانية، فقد كانت المصدر الوحيد، خلال حكم عبدالناصر، لمعرفة أخبار مصر الحقيقية، الناس كانت تشترى الصحف فقط لكى تقرأ الوفيات، وأخبار الكرة، والحوادث، والأفلام، وبعض المقالات التى تتناول الأمراض والخرافات، والاشتراكية فى الإسلام، وانتهازية الليبراليين ورجال الأعمال، والانحياز وعدمه.

الطائرات المصرية ضربت، والمطارات دمرت، وأولادنا يموتون وهم ينسحبون، الكيان الصهيونى احتل: سيناء وقارب على مدن القناة، واحتل الضفة الغربية فى الأردن، والجولان السورية، وجنوب لبنان، وجميع الأراضى الفلسطينية.

مات الزعيم وخرج المئات يودعونه، رحل تاركا خلفه أراضى مصرية وعربية محتلة، وآلاف تم تهجيرهم من مدنهم، واقتصاد منهار، وشعب أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر، ويعانى من الأمية، والأمراض المتوطنة، مات الزعيم وعاشت الصحافة.

استدراك: ما هى صفات الزعامة؟، وهل سقوط بعضها أو أغلبها لا تسقط اللقب؟، هل الزعامة مثل النبوة لا تسقط عن حاملها فى حالة فشله فى تحقيق رسالته؟.

 

[email protected]