رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

تعلقت بآخر عربة من قطار الزواج لأفلت بأعجوبة من لقب العنوسة ومن ألسنة من حولى التى باتت مسلطة علىّ كالسياط، وكأنى أنا التى أصنع حظى بيدى، نعم أملك قدراً لا تنكره الأعين من الجمال، وعملاً مقبولاً يوفر لى حياة متوسطة كريمة بين أبى وأمى المتنافرين دوماً بسبب الشجار الدائم على مصروف البيت، وبين أشقائى الثلاث، وكان على بجانب دفع ما أستطيعه من راتبى للإسهام فى نفقات البيت، كان على أن أبحث عن أى فرصة زواج تزيح شبح العنوسة عنى وتفسح الطريق أمام شقيقتى بعدى.

وهكذا قبلت أفضل «الوحشين» موظف متوسط الحال، ليس لديه شقة خاصة به، بل هى شقة والده المحال إلى المعاش منذ سبعة أعوام، ويحتاج إلى رعاية وفقا للعريس وهو الابن الأصغر، وقد سبقه شقيقاه إلى الزواج والعيش باستقلالية بعيدا وتركوه مع والده يرعاه، وبالتالى قبل الأب أن يتزوج ابنه فى شقته ويأتى بعروسة التى هى أنا.

فى الواقع تنازلت أسرتى عن الكثير من مطالب واشتراطات الزواج لمجرد علمهم أن الشقة تمليك حتى وإن كانت ملك «حمايا» وتم فقط تجديد غرفة النوم التى كانت هى كل دنيتى فى الشقة المكونة من غرفيتن أما الصالة والحمام والمطبخ فهي للجميع، وتغاضيت وتنازلت، وتزوجت من العريس الذى لم أعرف عنه الكثير، سوى أن سمعته طيبة ومتدين، وحاولت بكل جهد تطبيق وصايا أمى الكثيرة، بالطاعة لزوجى والنظافة والعطاء ورعاية والد زوجى بكل احترام وكأنه أبى.

ورغم شعورى بأنى فى سجن مقيدة داخل حدود غرفتى، وكلامى مع زوجى همساً لضيق الشقة حتى لا يصل حديثنا الزوجى لأسماع والده، وارتدائى جلباب محتشم وغطاء الرأس كمحجبة طيلة تواجدى خارج غرفتى، إلا أن كل هذا لم ينجح فى أن يحجب عنى عينى الأب بنظراته المريبة لجسدى، عللت نظراته فى بادئ الأمر بأنه لم يعتد التعامل مع فتيات خاصة أنه لم ينجب سوى ذكور، وترمل قبل عشرة أعوام، ولكن لمساته لى وأنا أقدم له الشاى أو الطعام، وتعمد اقترابه منى بشكل مثير فى غياب ابنه، جعلنى أتوجس خيفة، فصرت أقبع فى غرفتى أثناء غياب زوجى الذى كان يعود بعدى نظرا لبعد مكان عمله.

وتحولت حياتى إلى جحيم مستعر والأب الذئب يكشف عن أنيابه، ويتحرش بى باللفظ وبالكلمات، وحاولت إفهامه مراراً بحرمانية ما يفعل، وإنى كابنته، ورجوته أن يتركنى أعيش فى حالى مع ابنه بما يرضى الله، وألا يكون سبباً فى خراب بيت ابنه، ولكن هيهات لهذا الشيطان أن يستمع لصوت العقل والدين وأن يحترم سنه، فمثله كان يجب عليه أن يتجه إلى الله ولا يفارق القرآن يده، ولكن للأسف كان حيواناً جائعاً وجد فريسة اعتقد أنها سهلة.

ولحساسية الموقف، خشيت مصارحة زوجى بما يفعله والده، وصارحت أمى التى حاولت تكذيبى واتهمتنى بالخيال المريض، وأخيراً اقتنعت عندما لوحت لها بأنى سأطلب الطلاق، ويبدو أنها خشيت أن أعود للبيت كحمل ثقيل، فاقترحت أن أطلب من زوجى تأجير شقة، ونفذت وصيتها، فإذا بزوجى يثور ثورة غير منطقية ويتهمنى بالجحود والنكران، وبرغبتى فى أن يترك والده المسن بلا رعاية ليموت وحيداً، وحاولت إقناعه بأننا سنزوره، ولن نتأخر عن خدمته، وإنى فقط أرغب فى العيش بحرية مع زوجى ولو فى غرفة على سطح بيت، بل عرضت عليه أن أشارك فى أى نفقات إضافية.

ورفض زوجى، وازدادت المشكلات عندما اكتشفت أن والده يكيد لى لدى زوجى، بعد أن علم برغبى فى «العزال» وافتعل معى عشرات المشكلات اليومية، واتهمنى بالإساءة فى معاملته والتطاول عليه، وتصاعدت الأمور إلى حد أن ضربنى زوجى وأهاننى وطردنى، وعندما صارحته بحقيقة والده صرخ فى وجهى بما لم أنتظره، «كمان تخوضى فى شرف أبويا.. إنت طالق».

عدت بعد سنة واحدة زواج إلى بيت أسرتى، وكانت الطامة الكبرى اكتشافى أنى حامل، وأنجبت وأنا مطلقة طفلى، وهآنذا أتسول حقوقى وحق طفلى فى المحاكم من زوجى الذى أنصف والده الذئب على زوجته الشريفة.. ولم يأت مرة واحدة لرؤية ابنه، ترى لو كنت فتاة شيطانة.. ألم أكن أستطيع اللعب على الأب ومجاراته فى الحرام، والهيمنة على البيت وعلى كل شىء، ولكن لأنى شريفة ومحترمة، كان هذا جزائى..

سيدتى الكاتبة الباحثة عن أسباب العنوسة وتزايد الطلاق، مجتمعنا يظلم غالباً القوارير المحترمة.. ويفتح أبواب الحظ.. للقوارير «الكسر» لقطط الشوارع الساقطة.. هؤلاء فقط سعيدات.. يحققن مع الرجال كل طموحاتهن.. وللحديث بقية.

[email protected]