عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

على طريقة زعماء عصابات المافيا، أمر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وزير دفاعه جيمس ماتيس فى اتصال تليفونى  بأن يقتل الرئيس السورى بشار الأسد على الفور، لمجرد أن فصائل المعارضة المسلحة السورية اتهمته بشن هجوم كيميائى فى منطقة إدلب، ودون أن يهتم ترامب بإجراء تحقيق حول  صحة هذا الاتهام من عدمه، أو حتى يستشير معاونيه قبل قراره بقتل الأسد!

هذه الواقعة المشينة ذكرها الصحفى الأمريكى الشهير بوب ودوورد  فى كتابه « الخوف – ترامب فى البيت الأبيض » المقرر أن يصدر يوم 11 من هذا الشهر، والذى نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقتطفات منه منذ يومين، وهى تكشف بالتأكيد عن العقلية الإجرامية التى تسيطر على تصرفات أقوى رجل فى العالم، والمفترض أيضا أنه رئيس  أكبر دولة ديمقراطية تناصر الحريات وحقوق الإنسان، والتى تفتخر بأنها زعيمة العالم الحر.

كان يمكن للأسد أن يكون فعلا فى عداد الأموات، لولا أن الوزير ماتيس فيما يبدو يدرك جيدا حماقات رئيسه وميوله الإجرامية التى يمكن أن تضع سمعة بلاده فى الوحل، فقال لترامب إنه سيعالج المسألة على الفور، وبمجرد أن أغلق السماعة التفت  لمساعديه قائلا إنه لا يمكن أن يقتل الأسد وإنه سيتصرف بطريقة أكثر توازنا، وأعد بالفعل خطة عسكرية محدودة لقصف عدة مواقع عسكرية سورية.

الكتاب يكشف  الأساليب والحيل التى يلجأ إليها وزراء ترامب ومساعدوه لكى يتفادوا الكوارث التى يمكن أن تسببها قراراته المزاجية  ، مستشهدا برأي كبير موظفى البيت الأبيض جون كيلى فى وصفه لترامب بأنه « رئيس أحمق فقد وعيه..وأصبح مجنونا حقيقيا »!

رغم أهمية الكتاب الذى يكشف عن جوانب أخرى فى شخصية ترامب، لكنه فى النهاية لم يحاول أن يقدم أية إجابة حول الكيفية التى وصل بها رئيس بهذه الصفات والمواصفات إلى البيت الأبيض، كيف تسلل رجل بهذه التفاهة والحماقة والتعصب عبر كل المؤسسات الأمريكية السياسية والأمنية والاستخباراتية، لكى يحتل منصبه؟!.

أغلب ظنى أن الرجل هو مجرد دمية صنعتها القوى الخفية التى تحكم أمريكا من أصحاب الشركات الكبرى والأفكار الدينية المتعصبة ولوبيات المصالح وعلى رأسها اللوبى الصهيونى فى أمريكا لتنفذ بها ما تشاء من سياسات لن يستطيع تنفيذها رئيس عاقل، فمن غير ترامب يستطيع الاعتراف بهذه البساطة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وينقل سفارة بلاده إليها، ويعصف بكل الحقوق التاريخية والقانونية والسياسية للفلسطينيين، بل ويشجع على طردهم من بلادهم من أجل حلم إسرائيل الكبرى؟ ومن غيره يستطيع أن يدخل فى كل هذه الصدامات مع حلفائه فى حلف الناتو، وأن يخوض حروبًا تجارية غير أخلاقية مع الدول الكبرى فى العالم؟

ترامب حقق لكل هذه اللوبيات الأمريكية كل ما كانت تخطط  له  وأكثر، لكنه فى النهاية هو تعبير عن أسوأ ما يمكن أن تقدمه القوى الشريرة التى تحكم أمريكا للعالم، وهو أمر لن يستطيع بوب ودوورد أو غيره أن يكتب عنه كتابا، وإلا فسوف يكون مصيره كالمصير الذى كان يتمناه ترامب للأسد!