رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

كثيراً ما تتسم علاقة الرئيس، اَى رئيس، بالإعلام، بمزيج من الحب والكراهية. فكلاهما يدرك مدى حاجته إلى الآخر دون أن يرضى بتسليم القيادة له بأى شكل من الأشكال. وفيما عدا المجتمعات السلطوية التى تفرض فيها السلطة قواعد اللعبة التى تتراءى لها على الإعلام، فإن المجتمعات الديمقراطية، أو شبه الديمقراطية تتيح قدراً من الحرية يسمح للإعلام بأن يمارس عمله بما تمليه عليه قواعد المهنية، بما فى ذلك نقد السلطة وكشف عيوبها وأخطائها.

وربما كانت علاقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالإعلام الأمريكى، نموذجاً كاشفاً للعلاقة المركبة شديدة التعقيد بين الرئيس والإعلام. فقد دأب الرؤساء الأمريكيون على احترام الإعلام بوصفه سلطة رابعة يحميها التعديل الأول للدستور، الذى نص على حرية الرأى والعقيدة، كحريات أساسية يتمتع بها الإنسان. ولم يخرج أى من الرؤساء الأمريكيين عن هذا المسلك حتى فى الأوقات العصيبة التى تهدد فيها المنصب الرئاسى بكارثة العزل، إبان فضيحة «واترجيت»، التى انتهت باستقالة الرئيس ريتشارد نيكسون، أو فضيحة مونيكا لوينسكى التى هددت الرئيس بيل كلينتون بالعزل. إلا أن الرئيس ترامب جاء بصيغة جديدة فى التعامل مع الإعلام. فبدلاً من إقامة علاقة ود، اتخذ دونالد ترامب نهجاً تصادمياً فى مواجهة الإعلام.

وقد أطلق على عدد من الشبكات التلفزيونية الكبرى بما فيها «سى إن إن» والصحف الكبرى بما فيها «النيويورك تايمز»، مسميات شائنة مثل إعلام الكذب وصحافة الفبركة والتلفيق. ولم يطلق الرئيس ترامب مثل هذه المسميات المسيئة للإعلام مرة واحدة أو فى جملة عارضة، ولكنه راح يرددها بصورة روتينية فى كل مرة يأتى فيها على ذكر الصحافة أو الإعلام.

وقد اختط الرئيس ترامب لنفسه أسلوباً إعلامياً مبتكراً باعتماده على إصدار كل البيانات والتصريحات المهمة عن طريق تغريدات ينشرها عبر منصة «تويتر»، التى أصبحت فى عهده بديلاً عن الوكالات والشبكات الكبرى فى نقل أخبار الرئيس. وكان هذا الأسلوب الفريد بمثابة إعلان حرب على الإعلام التقليدى، وإيذاناً ببدء حقبة جديدة، تحتل فيها وسائط الإعلام الاجتماعى، دوراً بارزاً فى نقل الأخبار المهمة إلى الجماهير، دون حاجة إلى وساطة وكالات الأنباء أو الشبكات التلفزيونية. أى أنه فى الوقت الذى كان الإعلام التقليدى يعتمد على قوته وجبروته المستمدين من قدرته على الوصول إلى الجماهير والتأثير فيها، أظهر دونالد ترامب قوة «السوشيال ميديا» ومدى فاعليتها وتأثيرها فى الجماهير.

وإذا كان الرئيس قادرًا على الوصول إلى الجماهير عن طريق «السوشيال ميديا»، فإنه لا ينبغى الاستهانة بقوة الإعلام التقليدى الذى ما زال قوياً ومؤثراً. وإذا كانت «السوشيال ميديا» قد انتزعت من الإعلام التقليدى الجانب الإخبارى بسبب سرعتها فى النقل، وتوفرها مع الجمهور فى كل مكان، فإن صحافة الرأى ما زالت تتمتع بالتأثير الأقوى، نظراً لما تقدمه من تفصيلات عن الأخبار، إلى جانب التحليل الإخبارى وغيره من الموضوعات الصحفية المتعمقة التى لا غنى عنها لكل المهتمين.

ولم يمنع ميل ترامب إلى جانب منصات التواصل الاجتماعى من أن يوجه إليها قسطاً من الانتقادات، فقد نقل عنه قوله «إنه لا يمكن السماح لشركات التواصل الاجتماعى بالتحكم فيما نطالع ونشاهد وما لا نستطيع رؤيته، ولن نسمح للشركات الكبيرة بإسكات أصوات المحافظين». كما يعتمد ترامب اعلامياً على ترديد كلمات الإطراء والمديح التى يكيلها لنفسه: «أنا أقوم بعمل رائع استحق عنه الدرجة النهائية». وسوف تكشف الأيام ما إذا كان سيحصل على الدرجة الكبرى أم سيتعرض لإجراءات العزل.