عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

ما زلت أوجه الحديث إلى المتطاولين والمزورين فى التاريخ الذى يعنيهم فقط تطويع الأمور إلى الأيديولوجيات التى يؤمنون بها، سواء كانت ناصرية أو خلافها.. وأتعامل مع الموقف تحديدًا من فكرهم وخلال الفترة التى كانوا يسبحون بحمدها خاصة من عام 1952 إلى 1967.. وهذه الفترة من تاريخ مصر شهدت معارك أدبية وفكرية وصلت إلى حد الغليان بين الخصوم، لكن لم نجد عالمًا أو مفكرًا فيها حقّر أو حطّ من شأن الوطنيين.

ويأتى على رأس هؤلاء جميعًا فى المعارك الفكرية خلال تلك الفترة العظيم عباس محمود العقاد الذى صال وجال، ودخل فى مناوشات وخصومات فكرية واسعة مع كل المثقفين والمفكرين فى هذه الفترة. وأتعمد الآن الكتابة فى هذا الشأن ردًا على عاصم الدسوقى، الذى أنصحه أن يقرأ تاريخ هذه الفترة تحديدًا، وألا ينحاز إلى أيديولوجيته بشكل يخرجه عن إطار العلم الذي من المفترض أنه يدرسه للطلاب فى الجامعة.

ويقول الدكتور لويس عوض: لم يكن العقاد بدعًا وحده فى إثارة المعارك الفكرية والأدبية بين أبناء جيله، فقد كانت المعارك سمة من سمات تلك الفترة، وإن كان العقاد تميز دون غيره من كتاب جيله بكثرة معاركه، والمتتبع لحركات النقد الأدبى ومعاركه فى تاريخ الفكر المعاصر، يجد للعقاد صوتًا مدويًا فيها، فهو المفكر الأديب الذى عاش حياته كما يعيش أهل الجلاد فى ميادين الفروسية والقتال. لا يفرغ من معركة أدبية حتى يبدأ فى أخرى، لذلك ارتبطت صورته عقب وفاته بصورة هرقل الذى كان يسحق بهراوته الشهيرة الأفاعى والتنانين والمردة وكل عناصر الشر فى الحياة.

وقد كانت حركة يوليو وإلغاء الأحزاب بمثابة صدمة للعقاد، حيث كان يستند فى معظم حياته السياسية إلى حزب من الأحزاب يؤيده ويعارض خصومه، وقد انتهت الأحزاب بعد 1952، كما يقول رجاء النقاش، لذلك أعلن العقاد صراحة فى بعض مقالاته معارضته لما قامت به 1952 من إجراءات تحديد الملكية الزراعية وتأميم وسائل الإنتاج، جاء بهذه المعارضة ومبرراتها فى مقال له بعنوان «لو أصبحت مصر اشتراكية» فى كتابه (دراسات فى المذاهب الأدبية والاجتماعية). ولكنه ـ فى الوقت ذاته ـ أشاد وأيد حركة 1952 ووصفها بأنها كانت ثورة نظيفة لم ترق فيها الدماء، فيقول فى مقال له فى كتابه (دراسات فى المذاهب الأدبية والاجتماعية): «.. قلت إنها الثورة لا محيض منها، وليكن ما يكون! والحمد لله جاءت ولم يمض شهران، وجاءت سلمية، ولم يسفك فيها دم، ولم يضطرب فيها حبل الأمور».

ومن معاركه، المعركة بين العقاد وطه حسين وكانا صديقين لدودين، وكانا يمثلان مدرستين مختلفتين تمام الاختلاف، ولكل واحدة من هاتين المدرستين أنصارها ومؤيدوها، ولكل واحدة أساليبها فى النقد والأدب والفكر، ولكل منهما فلسفته الخاصة فى الحياة، أو بمعنى أدق موقفه منها، ولكنهما كانا يدركان أن لكل منهما قدرته ومكانته الأدبية التى يجب أن تحترم، ولكن هذا الاحترام المتبادل لم يمنع الخلاف الأدبى بينهما، ولطالما تمنى عشاق الأدب والإبداع لو اصطدم العقاد بطه حسين أو طه حسين بالعقاد صدامًا عنيفًا، إذن لأعطت المعركة بينهما الكثير من الثمار التى كان يمكن أن يفيد منها الأدب العربى الكثير، فلا شك أن الصدام بين عميدى الأدب العربى وبين رأسين كرأسى العقاد وطه حسين، كان سيحدث ضجة مفيدة جدًا فى عالم الأدب والنقد.

.. وللحديث بقية