عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سطور

 

كنا نتحدث فى الأسبوع الماضى عن ملهمتى السيدة العظيمة (فاطمة اليوسف) أو (روز اليوسف) كما اشتهرت بيننا جميعًا، وكنت قد توقَّفت فى نهاية مقالى عند بعض السطور التى كتبها أديبنا الكبير وابن سيدتى الجميلة (روز اليوسف) والتى كانت قد جاءت تحت عنوان «أمِّى هذه السيدة»، وكانت مقدمةً لكتاب «ذكريات فاطمة اليوسف» الصادر عن مؤسَّستها الصحفية العريقة, وسأستكمل معكم اليوم بقية هذه السطور: «... هذا وجه من أوجه شخصيتها، وجه تراه فى بيتها, وهى واقفة فى المطبخ تُعِدُّ طبق ورق العنب كزوجة مثالية، ثم تدور بين الغرف ترتِّب قطع الأثاث، أو تنمِّق أوانى الزهر... أو تراه فى مكتبها وكل شىء هادئ من حولها، والعمل يسير فى نظامه الرتيب».

توقفت كثيرًا عند تلك الكلمات؛ فأحيانًا كثيرة نجد أن المجتمع يتَّهم أو يصف المرأة العاملة -خاصة الناجحة- بأنها غالبًا ما تكون مقصِّرة فى بيتها وفى علاقاتها الأسرية، حيث لا وقت لديها لتربية الأبناء وإعطائهم الحنان والاهتمام الكافي، أو أنها لا تجيد فنون الطهى (وما تعرفش حاجة عن المطبخ)، أو لا تهتم بترتيب المنزل وتنسيقه، ( ومن الآخر مالهاش فى شغل البيت) كما يقال، وما إلى ذلك من جمل معلَّبة ومستهلكة كانت ولا زالت تتردَّد على مسامعنا حتى تلك اللحظة!

ولكن كلمات إحسان عبد القدوس عن والدته -حيث شهد شاهد من أهلها- جاءت لتنفى وجهة النظر المنتشرة السطحية والمغلوطة التى تغدو عوامل إحباط وقتل طموحات العديد من النساء فى مجالات ممارسة مواهبهن وتحقيق أنفسهن فى حياتهن العلمية أو العملية.

وأعود معكم وباقى الوجه الآخر للسيدة روزا «أنيقة الفكر والمشاعر»، هذا الرمز النسائى الذى ربما يمثل أغلبنا، حيث يقول إحسان عبد القدوس: «... وفجأة يتغيَّر هذا الوجه... فإذا بها أعنف من العاصفة، وإذا بهذا الصوت الرفيع يرتفع ليزلزل مكاتب المحرِّرين وعنابر المطبعة من حولها... وإذا بها قوية إلى حَدِّ القسوة، جريئة إلى حَدِّ التهوُّر، لا تُخفى رأيًا صريحًا، ولا تصون مصلحة من مصالحها... وإذا بها قاسية إلى حَدِّ أن تطردنى من العمل، أو تستغنى عن محرِّر آخر ربما لم يمضِ على منحه مكافأة أسبوع واحد، وبخيلة إلى حَدِّ أن ترفض قرضًا لعامل قد تكون وَهَبَتْهُ بالأمس إعانة من جيبها الخاص».

وتوقَّفْتُ أنا ثانية هنا؛ ما كل تلك المتناقضات؟! وكيف استطاعت (روزا) أن تجمع بينها كلها فى شخصية واحدة؟! ولكن لم تمضِ لحظات قليلة إلا وأكتشف فيها أن بداخلى جزء من شخصية (روزا)، ولست وحدي، بل بداخلنا جميعًا نحن النساء الكثير من تلك المتناقضات! وقد يتحيَّر البعض ويسأل: هل وجود كل تلك المتناقضات فى شخصية واحدة صواب أم خطأ؟ مفيد أم مضر؟ ولن أجيب أنا، ولكنى سأترك تلك الكلمات التى سأنهى بها مقالى اليوم لإحسان عبد القدوس تجيب لنا على هذا السؤال: «... وتبحث فى كل هذه المتناقضات... فإذا بها مُحِقَّة فى هدوئها، وكانت مُحِقَّة فى ثورتها، وكانت مُحِقَّة فى طيبتها، وكانت مُحِقَّة فى قسوتها، وكانت مُحِقَّة فى كرمها، وكانت مُحقَّة فى بخلها».

صِدْقُ الإحساس ربما يكون وحده هو «كلمة السر» فى شخصية (روزا)