رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

حينما يقتنع شخص ما، بمبدأ ما أو اتجاه سياسى أو اقتصادى أو فكرة قوية تفيد البلد ويبدأ بالإعلان عنها ويدافع عن وجهة نظره بكل الوسائل ويلتف حوله من يقتنع بهذا الاتجاه..  خاصة إذا كان هذا الشخص مخلصاً وطنياً له جاذبية شخصية «كاريزما» ما.. هنا  تنشأ الأحزاب.... نادى سعد زغلول بعد الحرب العالمية الأولى بضرورة أن تصبح مصر دولة مستقلة لها سيادة وشخصية دولية منتهزاً فرصة انعقاد مؤتمر الصلح بباريس،  هنا وقفت وراءه الجماهير وكان ميلاد «الوفد»... فلم تكن هناك أحزاب... تم ميلاد الوفد بسبب «غباء» المندوب السامى البريطانى «ونجيت» الذى ادعى أن سعد زغلول ورفاقه عبدالعزيز فهمى وعلى شعراوى لا يمثلون إلا أنفسهم فبدأت التوكيلات من كل أفراد الشعب لسعد ورفاقه، وهنا تم مولد «حزب الوفد» وان كان سعد زغلول ومن بعده مصطفى النحاس لا يعترفان بكلمة «حزب» باعتبار أن مصر كلها وفدية وليس بعض الأفراد فقط.

وتتطور الأمور بمرور الأيام ويموت سعد وينتخب أعضاء «هيئة الوفدالمصرى» مصطفى النحاس خليفة لسعد ضد رغبة العديدين وعلى رأسهم صفية زغلول زوجة الزعيم الراحل وأهم أعضاء فى الوفد أحمد ماهر باشا والنقراشى باشا وغيرهما.. كان البعض يريد بهى الدين باشا بركات لشخصيته القوية وتعليمه العالى وإجادة اللغات ولكن فريقاً آخر أكبر كان ينادى بأحمد ماهر والنقراشى أكبر عضوين فى الوفد فدائية، لم يكن يظهر ضابط أو عسكرى إنجليزى فى شارع عماد الدين مثلاً أو فى وسط البلد عموماً إلا ويصاب برصاصة صامتة فى رأسه ويسقط قتيلاً فى الحال.. سواء فى الشارع أو في البار أو فى سيارة.. قتل أحمد ماهر والنقراشى عدداً لايمكن حصره من جنود الاحتلال ـ كان حماسهما منقطع النظير.

وهنا ظهرت الأحزاب... «الوفد» برئاسة مصطفى النحاس رسمياً وحزب «السعديين» باعتبار أنه حزب سعد زغلول... هكذا  كانت نشأة  هذين الحزبين... ثم... قُتل أحمد ماهر فى البهو الفرعونى وقتل النقراشى فى مصعد وزارة الداخلية... ومات معهما حزب السعديين!!!... لا تقل لى إبراهيم عبدالهادى الذى اشترته السراى بتعيينه رئيساً للديوان الملكى...  فانتهى حزب السعديين رسمياً!!!

وكان قد ظهر الحزب الوطنى برئاسة مصطفى كامل ومعه محمد فريد الذى باع كل أطيانه لينفقها دعاية لمصر فى صحف أوروبا، ثم مات جائعاً على رصيف باريس ومعه أيضاً حافظ رمضان باشا.... كان مبدأ الحزب الوطنى عكس مبدأ الوفد...  كان مبدأ الحزب الوطنى هو الجلاء التام أولاً ثم المفاوضات مع إنجلترا... عكس مبدأ الوفد بالمفاوضات التى امتدت من 1919 الى معاهدة 1936... مات مصطفى كامل أيضاً فى عز شبابه موتة غامضة مثل كل الملوك والرؤساء والسياسيين الكبار، ومات محمد فريد من بعده... فمات الحزب الوطنى!!!

وظهر أحمد حسين الوطنى الجرىء المكافح بحق ـ  كان قد ألف ماأسماه «الفانلات الزرقاء» شباب ورد بقيادته لمكافحة الإنجليز بكل الوسائل... سواء القتل أو الخطف والتعذيب قبل القتل أو إلقاء القنابل فوق المعسكرات أو تفجير السيارات بإلقاء أعقاب السجائر فى بنزين السيارة من الخلف... ثم أعلن أحمد حسين عن حزب «مصر الفتاة، وانضم له إبراهيم شكرى ومحمد الزيادى ومحمد المعلم.... وكان مبدأ مصر الفتاة هو «الكفاح المسلح»...  لا مفاوضات ولا المطالبة بالجلاء أولاً...  والحل هو الكفاح المسلح، وأصدر احمد حسين جريدته الأسبوعية التى كان يتخطفها الناس، فقد كان ورق الصحف غالى الثمن والأعداد محدودة، ولعل أشهر عدد يوم عودة الملك فاروق من رحلته الصيفية لشواطئ أوروبا.. كان المانشيت «هؤلاء رعاياك يامولاى» بدون كلام... كل العدد صور للفقراء ومظاهر الجوع والبؤس والنوم على الرصيف!!!... مات أحمد حسين فماتت مصر الفتاة.. لم يستطع أحد من كبار الحزب رغم انهم قيمة.... وقامة ومقام كبير.... لم يستطع أحدهم أن يستمر ـ ومات الحزب مع موت رئيسه.

السياسى الأديب القصصى المثقف الكبير الدكتور حسين هيكل باشا رئيس مجلس الشيوخ سنوات طويلة جداً... أعلن عن حزب جديد برئاسته يسعى لوضع دستور للبلد.... بعيداً عن الجلاء والإنجليز وغير ذلك.... كانت فكرة  الحزب هى «البلد فى حاجة الى نظام حكم محترم له دستور يضعه الشعب ويحافظ عليه»... وسمى الحزب بحزب «الأحرار الدستوريين» وأصدر جريدة «الدستور» ورئيس تحريرها محمد بك خالد والد وسيم خالد الذى اشترك مع حسين توفيق وأنور السادات فى قتل أمين عثمان صديق الإنجليز.... كان حزب الأحرار الدستوريين يسمونه حزب الكبار.... أو حزب المفكرين المثقفين.... ورغم كل من كان يضمهم الحزب من شخصيات لها ثقلها مات الحزب وأغلقت الجريدة بمجرد موت هيكل باشا.

«.....»

وبعد...

هل رأيتم مدى اتباط أى حزب برئيسه؟؟..... خالف هذه القاعدة «حزب الوفد»...لماذا؟... لأن الصف الثالث كان لا يقل فى «الكاريزما» عن الصفين الأول «سعد زغلول» والصف الثانى «مصطفى النحاس»... أكمل فؤاد سراج الدين المسيرة رغم كل الصعوبات والمعاكسات والقضايا والقرارات... والحرب الخفية من السلطات... وتمر الأيام... ومات فؤاد سراج الدين أيضاً فماذا حدث؟؟!!... ضاع الوفد على يد نعمان جمعة!!! محامى سكرتير عام  حزب الحكومة، كيف يكون رئيساً للوفد؟... ورغم كل ما فعله سراج الدين عندما شعر بقرب نهايته... مقر لا يوجد له مثيل ولا فى أوروبا أو أمريكا... قصر البدراوى باشا تحفة فنية تناس قصر البارون إمبان... ومبلغ خرافى له دخل سنوى خرافى... طبعاً «خلع  رئيس الوفد» وحكاية المولوتوف بأيدى الوفديين يحرق المقر وهذه المأساة التى كان لا بد منها هزت صورة الوفد... ثم ضاعت فرصة ذهبية حينما فكرنا.. زملاء كبار قدامى معى ـ في انتهاز الفرصة ونعيد الوفد الى سابق عهده... بالاعتراف أولاً بأننا أصبحنا حزباً لا حكاية «نحن الأمة» والتوكيلات وغيرها.. لابد أن نعترف بالواقع ونبدأ بإعلان مبادئ الحزب التى التف حولها الشعب كله سنوات طويلة ثم التحرك خارج المقر وسرادقات هنا وهناك من أسوان الى الإسكندرية ومطروح... واسألوا منير عبدالنور ومحمود أباظة ـ شفاه الله ـ حاولنا أكثر من مرة.. ولكن حكاية ان الوفد هو أكبر من كل هذا سيطرت على قيادة الحزب، فكانت النتيجة ما وصلنا إليه الآن... حالة ضياع تام!!!

وهكذا تولد الأحزاب ثم تنتهى بانتهاء رؤسائها المؤسسين... وسترون «المائة حزب» الموجودة الآن على الساحة ستموت حزباً وراء الآخر بموت أول رئيس لها... فقط اعتقد أن حزبين سيظلان فى الميدان... حزب التجمع وحزب النور.... هل تعلمون لماذا؟!... لأنهما الحزبان الوحيدان اللذان انضم لهما الأعضاء من أجل مبدأ كل منهما... اليسارية الشيوعية... والدين وأثره فى النفوس.. أما البقية.. فالبقية من  حياتكم!!!!

 

عبدالرحمن فهمى