رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

بينما كنت أمارس هوايتى فى التنقل العشوائى بين القنوات التلفزيونية مساء الاثنين السابع والعشرين من أغسطس، إذا بى أتوقف مصادفة عند قناة النهار التى كانت تذيع برنامج المهمة للمذيعة الذائعة الصيت منى عراقي. وبدلاً من أن أواصل الإذعان للريموت كونترول بالتنقل لرؤية ما تعرضه القنوات المختلفة فى فترة السهرة تسمرت أمام برنامج المهمة الذى كان يناقش بأسلوب استقصائى معمق قضية خطيرة وهى قضية الحيوانات «الوقيع» التى يجرى ذبحها خارج السلخانات لأنها إما مصابة بأمراض خطيرة مثل السل والالتهاب الرئوى أو الجدرى وغير ذلك من الأمراض الخطيرة التى يمكن أن تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، أو أن تكون مصابة بكسور أو إصابة خطيرة تفضى إلى الموت فيسارعون إلى ذبحها قبل أن تموت.

قدم البرنامج رؤية شاملة لهذه القضية الخطيرة التى تتعلق بحياة المصريين والتى ظهر من خلالها أنها مشكلة عامة تنتشر فى كل أرجاء مصر وليست محصورة فى نطاق محدود أو فى منطقة بذاتها. وعرض البرنامج بالأرقام والإحصائيات كميات اللحوم التى يتم ذبحها خارج السلخانات الرسمية، حيث يتم ختمها بأختام مزيفة تحمل تاريخ اليوم الذى يتم فيه الذبح ما يوحى إنه تم فحصها بيطرياً وتبين سلامتها ومن ثمَّ جرى ختمها، وبالطبع فإن أياً من هذه الإجراءات لم ير النور، والعملية كلها يجرى تزييفها وبالتالى تخرج اللحوم غير المطابقة للمواصفات الصحية لتعرض فى الأسواق معرضة حياة الناس لأخطار شديدة.

ولكى يكتسب البرنامج المصداقية المطلوبة خرج بكاميراته إلى عدة مناطق فى خمس محافظات.

وفى كل منطقة كان يبحث عن هذه النوعية من الجزارين الذين يتاجرون فى الذبائح الوقيع. والغريب أن مهمة أفراد الفريق لم تكن صعبة. فقد كان الناس العاديون يجيبون عند سؤالهم مباشرة أين يوجد جزار الوقيع بالإشارة إلى مكانه دون أى تردد. أما أين تستقر هذه اللحوم المريضة؟ فى أى مكان وفى كل مكان. فى محال الجزارة ممكن، فى المستشفيات يجوز، فى المطاعم لا بأس، ولكن معظمها يتخفى فى اللحوم المصنعة بعد فرمها وحشوها.

اعتمد البرنامج أيضاً فى إعداده أسلوب الإعلام التفاعلى حيث أشرك المشاهدين فى إمداده بالمعلومات والصور التى تخدم موضوع الحلقة. وكان إسهام المشاهدين وافراً وحقق الغرض من ورائه. كما كان استخدام الجرافيكس فى عرض البيانات واللوحات والأرقام مميزاً وأكسب الحلقة حيوية كبيرة. كذلك كان استخدام الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية من عناصر نجاح الحلقة. وفِى محاولة للإيقاع ببعض الجزارين المجرمين تابعت الكاميرا قيام أفراد من فريق العمل وهم يدعون القيام بصفقة بيع بعض العجول المصابة، بل وصل الأمر إلى دفع عربون ثلاثمائة جنيه إلى أحدهم. وهنا، ربما يكون البرنامج قد تجاوز مهمته. فدور الإعلام كشف الحقائق والتنبيه إلى وجود المخالفات ولكن هذه المهمة لا تصل إلى حد الإسهام فى الإيقاع بالمجرمين فهذه ولا شك مهمة الأجهزة التى تتمتع بحق الضبطية القضائية، والتى لم تتوان عن أداء واجبها عند إبلاغها. نتفهم بالطبع حماس مقدمى البرنامج فى تخليص المجتمع من شرور هؤلاء المجرمين، خصوصاً بعد ما بذلوه من جهد، وبعد أن تبين لهم أن هناك نقصاً شديداً فى إعداد مفتشى الصحة البيطرية المكلفين بمراقبة اللحوم التى تطرح فى الأسواق، ومثال على ذلك أن منطقة القاهرة لا يوجد بها غير ثمانية مفتشين.... مجهود رائع وبحث مضن يستحق الإشادة قادت عملياته باقتدار المذيعة الموهوبة منى عراقى فلها ولهم جميعاً كل التقدير، وفى انتظار المزيد.