عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

عنوان هذا المقال ليس من عندى وإنما هو عنوان كتاب يوجد فى رف مكتبتى منذ أكثر من ربع قرن دون أن أجد فى نفسى القدرة على استكماله كلما بدأت فيه، لأسباب لا مجال للتفصيل فيها، ولكنه – العنوان – يعبر عن معنى ربما يظل سرمدياً ما بقى الإسلام أو ما بقى الدين أياً كان مسيحياً أم يهودياً أم حتى ديانة أرضية.

المعنى يتعلق بفهم الإسلام وبالتالى السؤال حول ما هو الإسلام؟ ربما تبدو الإجابة بالغة البساطة، وربما يبدو السؤال غبياً على وقع أنه يأتى بعد أكثر من أربعة عشر قرناً على هذا الدين. فهل من المعقول أن هذا المعنى لم يتم الإجابة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر، بعد كل هذا المدى الزمنى؟

الإجابة نعم، فطالما بقيت هناك حياة سيظل ينظر للإسلام كدين، من قبل المؤمنين به وغير المؤمنين به، من زوايا مختلفة. من واقع حياتنا المعاصرة خذ ذلك المثل: الممثلة الشابة حلا شيحة التزمت الحجاب فاعتبرها البعض عادت إلى الإسلام، وحينما تخلت عنه معلنة عودتها إلى الفن اعتبر مذيع مثل محمد الغيطى إنها تخلت عن «التطرف» – قالها لفظاً - وعادت إلى الإسلام المعتدل! القضية تطرح سؤالاً آخر: هل الإسلام أنواع؟!

خذ مثالاً ثانياً حالة الداعية الدينى معز مسعود وزواجه من الفنانة شيرى عادل، فقد اعتبر البعض ذلك نوعاً من خروجه عن المبادئ التى يدعو إليها، وهى مبادئ من المفترض أنها إسلامية، لارتباطه بسيدة تأتى فى منظور هذا البعض بما هو غير إسلامى من خلال أدوارها وزيها فى الأفلام بل والإعلانات التى تشارك فيها، فيما ينظر معز للأمر على أنه بزواجه ذاك يتسق مع نفسه ويتحفظ على ما يراه فهما ضيقاً للإسلام!

بعيداً عن الواقع، فإن تاريخ الإسلام نفسه يمتلئ بنماذج مماثلة، ومن ذلك ما يشير إليه كتاب عن أوضاع المسلمين فى الأندلس من أن الإسلام هناك كان «ليبراليا» إلى درجة اعتباره خروجاً عن الإسلام من قبل بعض مسلمى الشرق، وأن ظهور حركة المرابطين والموحدين لم يكن إلا رد فعل على هذا «الانحراف» ومحاولة وضع حد له.

فى محاولة تفسير ذلك فإن البعض يقدم مقولة ربما تبدو لنا بليغة رغم أن فهمها على نحوها المطلق يمكن أن يفرغ مفهوم الإسلام من محتواه. مضمون المقولة إن الإسلام مثل البحر تستطيع أن تستخرج منه أى الأسماك تشاء!! والأساس الذى يستند إليه القائلون بمثل هذا التوجه هو أن القرآن – حسب فهمهم – «حمال أوجه ويحتمل عدة تأويلات وكذلك التراث الإسلامى ككل»، وهو ما يعنى بالتالى أن الاختلاف فى الدين والتفسير حق مشروع أو ينبغى أن يكون حقاً مشروعاً وبالتالى لا يجوز لأحد أن يكفر أحداً لمجرد أنه اختلف معه فى بعض المسائل لأن الله وحده هو الأعلم بما فى ذات الصدور.

وفى هذا الصدد نستعير ما ذكره البعض من مقولة للمستشرق جولدتسيهر من أنه «يصدق على القرآن ما قاله فى الإنجيل عالم لاهوتى تابع للكنيسة الحديثة: كل إمرئ يطلب عقائده فى هذا الكتاب المقدس وكل إمرئ يجد فيه على وجه الخصوص ما يطلبه».

حول هذا الموضوع ربما ما بدا لى أكثر غرابة تلك العبارة لقاض للبصرة هو عبيد الله بن الحسن حيث يقول: إن القرآن يدل على الاختلاف، فالقول بالقدر صحيح وله أصل فى الكتاب، والقول بالإجبار صحيح وله أصل فى الكتاب، ومن قال بهذا فهو مصيب، ومن قال بذلك فهو مصيب، لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين واحتملت معنيين متضادين.. وكذلك القول فى الأسماء فكل من سمى الزانى مؤمناً فقد أصاب، ومن سماه كافراً فقد أصاب، ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب ومن قال هو منافق ليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب، ومن قال هو كافر وليس بمشرك فقد أصاب، ومن قال هو كافر مشرك فقد أصاب لأن القرآن دل على كل هذه المعانى!»

لا أدعى قدرتى على الإجابة عن السؤال وربما أكون قد أصبتك بالحيرة وعلى ذلك أعاود طرح السؤال: كيف نفهم الإسلام فى عالم اليوم؟ سؤال أتصور أن إجابته مهما توافرت وتعددت تبقى بالغة الصعوبة!

[email protected]