رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

جناب الحمار من الحيوانات التى اهتم بها الإنسان بشكل عام، فقد كان ومازال وسيلة انتقال ونقل بضائع، ذكر فى التوراة والأناجيل وفى القرآن، وكان إحدى الشخصيات الرئيسية والمؤثرة فى بعض الحكايات الشعبية القديمة، كما كان البطل الرئيسى لبعض الأمثال الشعبية، على سبيل المثال: موت يا حمار، حيث ضرب فى التسويف والمماطلة، ضحى به الإنسان للتدليل على الوعود الوهمية أو التى تتحقق فى غير أوانها، وهذه الوعود كثيرة فى حياتنا المعاصرة، وأغلبها سياسية.

موت يا حمار لم يصلنا بهذه الصياغة، وعرفناه فى: «موت يا حمار لما يجييك العليق»، وفى صياغات أخرى: «على ما يجيلك العليق»، والعليق هو العلف أو الطعام الذى يقدم للحمار، والعلف غالبا ما يكون من الكوزب، والتبن، والبرسيم، والشعير، والفول.

قصة الحمار هذه تعود إلى مئات السنين، لا أحد يستطيع تحديدها، ولا حتى نمتلك أية معلومات عن أول من ضرب المثل، ولا مسقط رأسه، لكنه فى الغالب من فلاحى الدلتا، لأن كلمة العليق كانت من الكلمات التى تستخدم فى قرى الدلتا، وكان الفلاح يضع العليق فى الطوالة (حوض) بالزريبة لكى يأكل منها الحمار طوال الليل.

ومقولة الحمار مثل سائر الأمثال تبدأ بجملة بسيطة، يتم تداولها، وتتحور، وتتطور فى الصياغة إلى أن تصل لصياغة بسيطة وسهلة وواضحة يمكن تذكرها وتداولها بسهولة، وأقدم رواية وصلتنا من مثل الحمار الرواية التى ذكرها الإبشيهى فى كتابه «المستطرف فى كل فن مستطرف» فى صياغة: «أقعد يا حمار حتى ينبت لك الشعير»، والإبشيهى هو مؤلف مصرى من ابشواى بمحافظة الفيوم، واسمه شهاب الدين محمد بن أحمد بن منصور الأبشيهى أبوالفتح، ولد عام 790  هجرية (1388 ميلادية)، وتوفى عام 852 هجرية (1448 ميلادية)، ونظن أن الإبشيهى تدخل فى صياغة المثل، ونقله من العامية إلى العربية الفصحى.

وللمثل تفسير متداول نسب إلى أحد الحكام، نظنه غير صحيح، وملخصه أن الحمار دخل حديقة الحاكم، فأمر الحاكم بقتله، لماذا؟، وما هى جريمته؟، لأن جناب الحمار لا يعرف البروتوكول، كما أنه لم يحترم منازل علية القوم، أحد الرعايا تدخل وتوسط للحمار عند الحاكم، طلب مهلة عشر سنوات يعلم فيها الحمار الاحترام، ووافق الحاكم على العرض، وسئل الرجل: هو الحمار هيتعلم، قال: لا طبعاً، أحببت أن أنقذ الحمار من بطش وغباوة الحاكم، خلال السنوات العشر إما أن يموت الحاكم، أو أنا أو الحمار.

على أية حال الحمار وعرفتم أنه مصرى أصيل، وصاحبه فى الغالب فلاح من الدلتا، وربما من الشرقية أو المنوفية أو الفيوم، والمثل ضرب للتدليل على التسويف والمماطلة، وللتعبير عن الوعود التى لا تتحقق فى توقيت احتياجها،  وكل ما نتمناه ألا يمتد مثل الحمار إلى عدة مشروعات ننتظرها: إصلاح المعاشات، والمرتبات، وحرية التعبير، والعدالة الناجزة، قولوا: يارب.

[email protected]m