رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

د. إيمان يحيى  صاحب رواية «الزوجة المكسيكية»  الصادرة عن دار الشروق  أستاذ بكلية طب قناة السويس  وعضو بارز بحركتى 9 مارس وكفاية  ويمارس العمل العام منذ أن كان طالبا بطب المنصورة وهو باحث ومدقق وعاشق لتاريخ وطنه وحواشى الحركات السياسية والتنظيمات اليسارية  وأديب بالسليقة يمتلك أدواته من خيال متدفق ولغة متينة وسهلة  وانحياز واسع للتقدم والحريات والناس وهو من هذا الجيل العاشق ليوسف إدريس المنبهر بجرأته واقتحامه  عوالم لم يقترب منها القص والحكى والأدب والمعالجة، اقترب من الفلاحين والمعدمين  وأقام الدنيا وأقعدها بمعارك عامة وشخصية امتلك المبادرة والمواجهة.

انبهر د. إيمان يحىى برواية «البيضا»  لإدريس  وتوقف طويلا أمامها بحثًا عن الأصول التاريخية للأحداث وحقيقتها وتوثيقها باعتبارها أول رواية لا تمجد البطل طبقًا لحديثه وتعبر عن بطل معتل متردد غير قادر على التحقق .... فضلا عن وقوع أحداثها فى فترة تغير ومد وصدام وبناء عالم جديد عامي 53 و 54 واعتبار العديد من اليساريين أن تلك الرواية  هى  وثيقة إدريس للتخلى والخروج من التنظيم والركون إلى ظل الدولة والنظام الظليل.

 يخوض د. إيمان تجربة مثيرة وجديدة فى الحكي والدمج بين التحقيق والبحث والرواية وخيالها المفتوح والتدقيق المحكوم بوقائع ثابتة وتواريخ وإطارات بعينها وهو يحقق فى ارتباط أبطال البيضاء ( يحيى طه )  يوسف إدريس  و(سانتى) روث ابنة دييجو ريفيرا الفنان التشكيلى المكسيكى الشهير  وبالفعل استطاع أن يصل إلى نتائج تقف على قدمين من عائلة روث ومن عائلة إدريس وكتابات أو أحاديث لإدريس نفسه لقريبين منه..... وخاض رحلة  بديعة لخيال محقق أو تحقيق فى خيال مضى مزج فى احتواء فنى بين أزمان حالية وماضية منذ سبعة عقود وطاف بنا فى عوالم تنتمى لأوربا فى فيينا والأمريكتين فى مكسيكو سيتى وفى بلادنا فى القاهرة و تداخلت أحداث  مقتربة تشابهات أجواء 53 و 54 من جهة و أجواء ما قبل يناير 2011 .... 

رواية ارتباط يحيى  وروث جاءت بديعة  وشاهدنا مدينة فيينا تحت حكم الحلفاء الرباعى  ورأينا منازلها المتهدمة وأشباحها المتناثرة جراء الحرب ورأينا أنصار السلام والحرية وكبار فنانى العالم حاضرين يتحركون  ويتحدثون بلحم ودم حقيقيين .....كانت أحاديث ريفيرا مع يحيى  معبرة وكأن الكاتب كان حاضرا .....  تصوير روث وانحيازات الكاتب لها كانت منطقية  وخيالًا محكمًا  وتصويرًا بارعًا فجاءت شخصية روث وانفعالاتها وثورتها ودورها الحيوى فى بلادها وفصل الختام فى حياتها ...جاء كل هذا شديد الإحكام بلا تكلف  وانسال فى وداعة ودفء وإنسانية حميمية ....

دافع الكاتب دفاعًا مجيدًا عن يحيى  وتجاهل حساسية رواية البيضا فلم يعرض كيف صاغها يحيى ولماذا ... وذلك على سبيل الاستعراض الذى قدمه لحياة يحيى وتطوراتها ورؤية يحيى وحديثه وتحليله للوقائع ..... اقترب الكاتب من يحيى وأبرز الجانب الذاتى لديه كمبدع  تقريرًا واضحًا و تفسيرًا أقل فى السرد الدرامى ...... قاهرة الخمسينيات التى يسعى الكاتب لحضورها  تفسيرًا وسردًا لصدامات ومولد عالم جديد  كان بإمكانه أن تتسع مساحة الحضور و الحركة فى اركانها  لاسيما وقد فتح الكاتب دور جريدة المصرى  ولكن انحيازاته المسبقة أبت عليه الا أن يسوق كلمات نقد متعثرة نحو النحاس وابو الفتح  ولم يتسع لديه مسرح الاحداث المفتوح لإطلالة أشمل وأكثر حضورًا لصراع متوهج وجماهير غيبها فلم نرها  وشارع مفعم بالأحداث لم نشعر به وكان  يضج  بالأحداث فى وقتها ..... وعلى الرغم من اهتمامه برصد وقائع تحية كاريوكا غابت عنه وفى نفس التوقيت  الجامعة المصرية والاعتداء عليها وتشكيل محاكم الغدر والثورة التى أزاحت  خصوم  الضباط من طريقهم  من زعماء وسياسيين وفديين وآخرين.  

الزوجة المكسيكية رواية مغامرة بديعة مرهقة بالمعنى الإيجابى للقارىء فى دفعه للبحث والمعرفة فلقد قادتنى أنا شخصيًا إلى البحث والدعبثة بشغف واهتمام  وهى إطلالة على أهم أحداث عصفت بمصر وفتحت الطريق نحو  القضاء على تداول السلطة فضلا عن التتابع السينمائى الرائع وأنها استنطقت أبطالها فشاهدنا يحيى وروث واستمعنا لهما وشاهدناهما فى حميميتهما وانفعالهما وانفصالهما الحزين ....  الزوجة المكسيكية دفقة من الحب والرومانتيكية  ودفقة من الحزن والألم والسياسة المقيتة والحقوق المهضومة .... تحية للكاتب لجهد لا ينكر وأداء رفيع ومحبة غامرة لتاريخ نسجه الآباء.