رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يلح سؤال، كيف يصبح الإعلام وسيلة استنارة حقيقية؟، حاولت الإجابة عليه باحثا ودارسا وقارئا، وكان أمامى كم هائل من الوسائط الإعلامية مرئية ومسموعة ومطبوعة والكترونية - لا حصر لها - تسمى فى مجملها بـ «الميديا» ووجدت أن غالبيتها مهما ادعى التحضر والرقى الثقافى، يرى فى الإعلام استثمارا للمال وليس تنويرا للبشر، او دعونا نقول إن التنوير لدى الباحثين عن المال عملية لاحقة للرفاهة الاقتصادية، وإن كنت أرى أن فى الحالتين نحن أمام عمليات استثمار ولكن هناك فارقا كبيرا بين الاستثمار فى المال والاستثمار فى البشر.

ويحتاج الاستثمار فى المال بالطبع قدرا من الموارد الاقتصادية والبنى التحتية والميزانيات والحسابات والأرقام، أما الثانى الاستثمار فى البشر يحتاج العلم والمعرفة والقيم الأخلاقية والمهنية، وهى امور لا تباع ولا تشترى فى الاسواق، إذن نحن أمام مفهومين كلاهما مهم - من وجهة نظرى - الاستثمار المادى والاستثمار المعنوى وهذا يجعلنا نفرق بين شخصين أحدهما يسعى للبحث عن مصادر للتمويل وآخر يسعى للبحث عن مراكز إشعاع للتنوير.

بعبارة أخرى إن المال قضية موارد والتنوير قضية قيم وسلوك قويم، وهنا طالما اتفقنا على أهمية المفهومين نتساءل كيف نزاوج بينهما أى المال والاخلاق؟ أعتقد ان تلك - من وجهة النظر المهنية على الأقل - هى إشكالية وظيفة ودور الإعلام فى عالم اليوم ليس فى مصر او العالم العربى فقط، ونجد نادرا من ينجح فى الجمع بين البناء المادى والبناء المعنوى.

على مستوى مصر - تحديدا - نتطلع جميعا لماسبيرو كلما شغلتنا قضايا بناء البشر وبدأ الحوار حول الحفاظ على الهوية القومية ونشر قيم الحق والعدل والجمال ودار الحديث بشأن استراتيجية التنمية المستدامة للوطن لكن لماذا ماسبيرو بالذات؟ باختصار لأنه يمثل إعلام الخدمة العامة.

وكان حوار قد دار بينى وبين الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق عن مشروع التنوير والإعلام وأكد لى أن ماسبيرو هو الأكثر قدرة على القيام بعملية التنوير لاستعادة منظومة القيم الغائبة اليوم عن مجتمعناَ.

ومن ثم نطرح سؤالا مهما كيف نستعيد هذه القيم الغائبة؟ أعتقد أن وجود منظومة واضحة للقيم سيسهل التعاطى مع احتياجات المجتمع لتحقيق الاستنارة الحقيقية، وهو أمر أصعب من البناء المادى وعليه تأتى مبادرة د. شرف التنويرية محركة الماء الراكد فى المجتمع وقد حضرت له العديد من المحاضرات تصب فى هذا الاتجاه خاصة محاضرته التى أسماها «رنين الوطن» وهو عنوان له مغزى لمن يفهم معنى كلمة «وطن» ويتعدى مجرد التراب والبناء والرفقاء.

إن الوطن فى حد ذاته قيمة سامية، مثل الأمومة مثلا ترجمها الرجل الى مشاعر وسلوك والتزام اخلاقى وفعل ايجابى، وطبقها على نفسه قبل ان يطبقها على الآخرين، ومن وجهة نظرى يعد الوطن بالمعنى المتقدم المدخل الطبيعى لاستعادة منظومة القيم والأخلاق حتى يمكن ان نحمى الشخصية المصرية مما علق بها فى الثلاثين عاما الاخيرة من أدران الفكر الانعزالى وعشق الأنا وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة وانحسار الإبداع وتسيّد سطوة رؤوس الأموال التى بدت احيانا بلا اخلاق وكم عانينا من تزاوج السلطة بالمال فى فترة من الفترات.