رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوال مصرية

ما زال الجدل مستمراً حول جدوى قرار الرئيس الراحل عبدالناصر بتأميم قناة السويس فى العام 1956، وهل كان القرار ضرورة استراتيجية؟ أم حماقة أدت إلى العدوان الثلاثى البريطانى والفرنسى والإسرائيلى على مصر بعد عدة شهور من القرار، ويؤكد الدكتور الحفناوى فى دراسة أن قناة السويس قضية مصر القومية منذ حفرها. والمطالبة باسترجاعها كان يُمثل مطلبًا وطنيًا مصريًا من قبل الاحتلال البريطانى، حيث ألغى الخديو إسماعيل استخدام السخرة وأمر باستعادة الأراضى التى كانت شركة القناة استحوذت عليها بناءً على نصوص فرمان الوالى محمد سعيد، وقد أدى هذا الإلغاء إلى خلافٍ كبيرٍ مع الشركة عام 1864، وتوقّفت أعمال الحفر. ثم تمّ تحويل القضية إلى التحكيم، واضطر إسماعيل تحت ضغط السلطان العثمانى إلى قبول حكم «نابليون الثالث» الذى عُيِّن مُحكِّمًا فى هذا النزاع، رغم قرابته بفرديناند ديليسبس رئيس الشركة حينئذ، والذى فرض على مصر سداد تعويضٍ للشركة قدره 84 مليون فرنك. فبدأ بهذا المبلغ عصر الديون الضخمة بالفوائد المركّبة التى تراكمت على مصر. كما تحمّلت الخزانة المصرية 88 مليون فرنك مقابل شراء 44% من أسهم شركة قناة السويس التى عجز ديليسبس عن تسويقها، وهذا من أجل أن يستمر المشروع، وأن تتملك مصر حصةً غالبةً فى الشركة (بالإضافة إلى 15% من الأرباح التى قررتها مواثيق تأسيس الشركة).

وتكشف الدراسة أن مصر اضطرت لسداد نحو 40 مليوناً أخرى لسداد قيمة مشتريات متنوعة من أراضٍ ومخازن وآلات، مما أدى لتحمُّل مصر ما يزيد على 212 مليون فرنك نقدًا فى مشروع حفر القناة، والذى كانت تكلفته التقديريّة 200 مليون فقط، وقت إصدار فرمان عقد الامتياز، وارتفع إلى 420 مليوناً، منها 120 مليوناً مصاريف إدارية ومرتبات لموظفى الشركة خلال فترة الحفر، وكانت أهم وثيقة وجدت بأرشيف الشركة، والتى صارت فيما بعد السند القانونى لحق مصر فى تأميم القناة، هى ما يثبت أن عقد امتياز الشركة المطبوع -الذى تعاملها من خلاله حكومة مصر- كان مُزيّفًا مُلفّقًا منذ احتلال إنجلترا مصر فى سنة ١٨٨٢، وأن العقد الأصلى الذى صدّق عليه السلطان العثمانى سُرق من مصر.

كما أثبتت رسالة دكتوراة فى القانون الدولى فى السوربون عام 1951 ممارسات الشركة الاستعماريّة وحق مصر فى استرداد القناة، فاعترفت جهة علمية فرنسية بحق مصر فى استعادة قناة السويس. ويُذكر أن محمد صلاح الدين باشا، وزير خارجية مصر فى ذلك الوقت كتب مقدمة للرسالة، أوضح فيها أنها تعبر عن الموقف الرسمى للحكومة المصرية (حكومة الوفد).

الخلاصة: إن المطالبة باسترجاع (أو تأميم) مصر قناة السويس كان مطلبًا وطنيًا مصريًا من قبل 1952 بسنوات طويلة، وإن المستعمر البريطانى، وشركة القناة التى كان يهيمن عليها، كانا قد استعدا لتدويل القناة لإبعادها عن مصر.