عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

 

مع تدهور حال لغتنا العربية، تداخلت الأمور واختلطت إلى درجة مزرية، وأصبح العثور على نص خال من الأخطاء اللغوية أمرًا بالغ الصعوبة، ان لم يكن ضرباً من المحال. وفِى زمن مضى، كانت المشكلة تتعلق بعدم إتقان اللغة وقواعدها الأساسية فى النحو والصرف. وكنا نأسف لأحوال الخطباء الذين يرتكبون بعض الأخطاء البسيطة، ولَم نكن ندرى أن الأمور سوف تتدهور وتصل إلى ما آلت اليه اليوم. لم تعد المشكلة محصورة فى قواعد اللغة من إعراب ونحو وصرف، ولكنها امتدت وتشعبت وأصبحت مثل السوس الذى ينخر فى بنيان اللغة ذاته حتى إنه أوشك على هدمها تماماً.

ان زيارة سريعة لأى موقع من مواقع التواصل الاجتماعى سوف تكشف لك مدى التدهور الذى وصلت إليه اللغة العربية فى الوقت الراهن. سوف تكتشف سريعاً أنه تم الاستغناء عن بعض الحروف التى تميز اللغة العربية مثل حرف الضاد الذى كنّا نوصف بأننا الناطقون بالضاد، ليحل محله حرف الدال. وعلى نفس الدرب سار حرف الطاء ليفسح الطريق لحرف التاء. ولَم تكن حروف الظاء والذال اسعد حالاً فقد أسلمت أمرها هى الأخرى لحرف الزاى الأكثر رقة. ولَم يقتصر الأمر على ترقيق الحروف العربية المفخمة لصالح الحروف المرققة، ولكنه تجاوز ذلك إلى إضافة حرف الياء إلى أواخر الكلمات للدلالة على أن المخاطب أنثى.

ولا يقف الأمر عند حدود السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعى التى تسببت فى العديد من أعراض تدهور اللغة العربية، ولكنه تجاوزه إلى المتحدثين فى وسائل الإعلام وإلى الصحافة التقليدية التى شهدت تدهورًا خطيرًا فى مستوى اللغة العربية بحيث لم تعد الأخطاء اللغوية أمرًا نادرًا مثلما كان الحال فى الماضى غير البعيد. كانت الأخطاء اللغوية فيما مضى قليلة وتنحصر فى أخطاء مطبعية فى معظم الأحوال. فقد كان من النادر أن نجد أخطاء لغوية فى متن المقالات المختلفة. أما الآن فلم يعد مستبعداً وجود أخطاء فى المانشيتات الرئيسيّة للعديد من الصحف. وأصبح من الأمور العادية ان نجد كلمة مجرورة أى بعد حرف جر وقد رفعت أو نصبت رغم انها يجب أن تكسر حسب القاعدة. وما زالت أصداء كلمات اساتذة اللغة العربية الذين تلقينا العلم عَلى أياديهم، من المدرسة الابتدائية حتى تمام الإعدادية ترن فى الأذن وهم يؤكدون أهمية وقوة وجبروت حروف الجر التى على صغر حجمها قادرة على صنع الأهوال. فهى تجر أى شىء من مكان إلى آخر. فهى فى قول أحدهم، لتقريب الأمور إلى اذهاننا، قادرة على نقل بيتكم بمن فيه إلى أى مكان، بل نقل مدينة بأكملها من مكانها إلى مكان آخر. وكنا ندهش لذلك ولا ننسى ما يقوله الأساتذة.

وفِى المرحلة الثانوية كان من حسن الحظ أن درست اللغة العربية على يد اثنين من كبار المثقفين وهما الأستاذ الناقد الأدبى أنور المعداوى والأستاذ خليفة التونسى أحد تلامذة الأستاذ عباس محمود العقاد. وقد تعلمنا على أياديهما كيفية الاستمتاع بجماليات اللغة العربية وتقدير هذه اللغة وحبها بل الشغف بها. وقد نما هذا الحب وازداد بعد الانضمام للعمل بقسم المذيعين بالبرنامج العام بالإذاعة المصرية. وفِى هذا القسم كانت هناك كوكبة من فرسان اللغة العربية وحماتها وفِى مقدمتهم الشاعر الراحل فاروق شوشة، وقد كان مرجعاً يلوذ اليه الجميع كلما اعترضت طريقهم معضلة لغوية بشكل أو آخر. وإلى جانب فاروق شوشة كان هناك الأساتذة جلال معوض الذى تزداد اللغة جمالا بعد المرور من حنجرته، وصبرى سلامة، وأميمة عبدالعزيز، وعاطف عبدالحميد، وكانوا جميعا يتغنون باللغة العربية ويضيفون إلى جمالها جمالًا ورقة وعذوبة. رحمهم الله جميعاً.