عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

السؤال هو أعظم إجابة عرفها الانسان، ولولا السؤال ما عرف الانسان شيئاً عن الكون وعن نفسه.. والسؤال يعنى البحث والاكتشاف والابتكار، والسؤال هو الحقيبة التى نجمع فيها المعلومات وخزينة المعرفة.. والحيرة لا تأتى من الأسئلة ولكن من كثرة الإجابات.. فالإنسان يحتار فى اتخاذ القرارات عندما تكثر الاختيارات، وهو لا يعرف فى أى طريق يسير عندما يكون أمامه عدة طرق.. والإنسانية عرفت الحضارة والتقدم بالأسئلة وليس بالإجابات، واعتقد أننا فى مصر لن نفك اسرار التقدم، ولن نعرف وصفة النجاح.. إلا بالاسئلة!

ومشكلتنا فى التعليم أنه عبارة عن إجابات.. إجابات سابقة التجهيز، ومعلومات مصنعة فى علب، ومعرفة محفوظة فى كتب، ولذلك هى مسمومة ومضرة بالعقل، افسدت أجيال كاملة.. لأنهم تعلموا حفظ الإجابات، ولم يتعلموا طرح الأسئلة.. والسؤال فى الحوار أهم من الإجابة، وإن لم تسأل السؤال الصحيح لن تحصل على الإجابة الصحيحة، والتعليم عندنا عبارة عن بنك من الإجابات ظللنا نسحب منه حتى افلسنا علمياً وحضارياً، ولو كان لدينا بنكاً من الأسئلة لتحولت اجاباتها الى عشرات المعامل والمصانع والمزارع، ومراكز أبحاث وحضانات تكنولوجيا ووكالات فضاء.. ولا بد من الأسئلة أولا للتقدم لأن الإجابات وحدها لا تبنى أمة!

ولن يكون لديناً تعليماً جيداً فى المدارس إلا إذا كان لدينا مدرسين متعلمين جيداً، ولن تكون لدينا بحوثا جيدة فى الجامعات الا إذا كان لدينا باحثين وليسوا مدرسين.. ومأساتنا تتلخص فى أن الطلاب لا يسألون ولا يبحثون عن المعلومات ولكن يبحثون عن الإجابات ونماذجها، ولا يفكرون فى كيفية البحث عن المعرفة ولكن يفكرون فى كيفية البحث عن الإجابات، حتى وصلنا الى قمة المأساة بطباعة كتب لنماذج الإجابات!

وطالما نعتبر السؤال مذلة، وعيب، وحرام لن نعرف الإجابة ابداً.. فالأسئلة لا علاقة لها بالكرامة والأخلاق والدين.. الأسئلة لها علاقة بالعلم والمعرفة والعمل، وكلما سألت أكثر عرفت أكثر.. ولا يوجد نهاية للأسئلة، ولا يوجد سؤال أخير، لان كل سؤال هو بداية لسؤال جديد.. بل أن كل إجابة تطرح بالضرورة سؤالاً آخر..والعلماء لا يتوقفون عن طرح الأسئلة، ولا يملون من تكرار الأسئلة، لأنهم لا يكتفون من المعرفة، ولا يعترفون بأن كل إجابة هى الصحيحة، فدائما لديهم يقين أن هناك إجابة اصح منها!

ونحن شعب يعشق الإجابات بينما حكومته تكره الأسئلة ولا تعترف سوى بإجاباتها، وتدعى إنها تمتلك إجابات لكل الأسئلة، مع إن الإجابة الوحيدة الصحيحة فى الكون بأن لا أحد لديه إجابة لكل سؤال.. ولكن فى مصر إذا سألت شخصاً فى الشارع عن مكان أو عنوان من المستحيل أن يقول إنه لا يعرف بل سيجيب بكل ثقة ويصف المكان بالتفصيل.. رغم إنه لا يعرفه اصلاً، ولذلك إذا سألت واحداًعن عنوان وقال لا أعرف.. فتأكد أنك ستصل الى العنوان الصحيح.. أما إذا تطوع بالإجابة مدعياً المعرفة فتأكد أنك ستتهوه لأيام فى الشوارع ولن تصل الى العنوان ابدأ.. ولأن الحكومة، وكل الحكومات السابقة، تدعى إنها تعرف العنوان الصحيح لكل مشكلة.. وتعرف الإجابة عن كل سؤال سيظل الشعب كله تائهاً!

[email protected]