رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

هل التاريخ لم يولد كما شئنا لأن الكائن البشرى لم يوجد؟ يتساءل الشاعر محمود درويش فى قصيدته المستهلة بـ«لا تكتب التاريخ شعراً فالسلاح هو المؤرخ». ويحكم الشاعر بأنه «ليس للتاريخ عاطفة لنشعر بالحنين إلى بدايتنا ولا قصد لنعرف ما الأمام ولا الوراء».

أن تحب من تحب حقك، وأن تكره من تكره فهو خيارك، لكن أجمل التاريخ هو الذى ينسحق فيه الباحث أو المؤرخ من ذاته، ويحجب انتماءاته، ويقف مجردا فى العراء يقرأ دون تحيز، ويبحث دون وصاية.

وما يفعله الباحث المستقل أحمد كمالى فى هذا الشأن ملهم وعظيم ويمثل لبِنات أُولى يمكن البناء عليها لوضع قراءة مستقلة للتاريخ الحديث. فى العدد الجديد من مجلة «أيام مصرية» الذى شرفت بالاطلاع عليه قبل صدوره، تصحيحات لخطايا وجرائم ترتكبها المواقع الإلكترونية كل يوم دون إكتراث أو اعتناء.

خطايا لا حصر لها، وكوارث تنم عن استسهال طال كل شىء حتى المعلومة المجردة والصورة التاريخية. فى عشرات المواقع الإلكترونية الإخبارية تعرض صور للخديو عباس حلمى، باعتباره الخديو توفيق، وصور للملك فؤاد باعتباره السلطان حسين كامل، وصور لجمال سالم عضو مجلس قيادة ثورة يوليو باعتباره صلاح سالم شقيقه، والعكس.

موقع «ويكيبيديا» يزخر بكوارث الاستسهال السخيف، إذ يورد صوراً خاطئة وتواريخ متباينة ووقائع لم تحدث، وفى بعض الأحيان يذكر شخصاً ما شارك فى حدث مهم باسم غيره.

وهل يتخيل أحد أن موقع الهلال الأحمر الإلكترونى يضع صورة الأمير عمر طوسون بدلاً من سعيد طوسون الرئيس الفعلى للمؤسسة سنة 1951.

النتائج والتحليلات التى قامت بها «أيام مصرية» صادمة. إنها تحدثنا بأن صورة وداع الملك فاروق فوق يخت المحروسة للضباط الأحرار فى 26 يوليو 1952 صورة مفبركة تم صناعتها بعد خروج الملك. وقتها أخبر البعض ضباط يوليو بضرورة توثيق لحظة مغادرة الملك، لذا فقد لجأوا إلى مصور ومخرج أجنبى لتمثيل مشهد الملك وهو يودع مصر ويغادر إلى المنفى.

فيما بعد، نتذكر جميعاً صورة الفريق سعد الشاذلى بطل حرب أكتوبر الشهيرة التى نزعت تماماً من مشهد التحضير لحرب أكتوبر واستبدلت بصورة الرئيس مبارك، وحكى لى أفراد عائلة رئيس الأركان الراحل كيف كان يشعر بالظلم والتجنى كلما كان يزور بانوراما أكتوبر ويطّلع على جريمة التزييف الكبرى.

كذب السلطة ضرورة لمحو أدوار شخصيات ليست على وفاق معها، وليس كل ما تنشره الصحافة صدقاً خالصاً، لذا فإن إعادة قراءة التاريخ بروح متجردة وعقل متقد ضرورة لرد الاعتبار لعظماء وفضح محاولات تضخيم لم تكن تستحق ذكراً.

لقد كانت قراءاتى الأولى للتاريخ تصطدم بتأويلات أصحاب الأهواء والمتعصبين لمواقفهم الذاتية. وأحسب هنا بضمير مستريح أن المؤرخ عبدالرحمن الرافعى ارتكب جرائم وخطايا لا تغتفر فى حق التاريخ عندما حمّلنا تبعة مواقفه السياسية والشخصية من زعماء بأعينهم.

وأتصور أن محاولات طرح قراءات مستقلة للتاريخ ضرورة فى زمن تمدد فيه الزيف وساد فيه الاستسهال وتسطحت الثقافة. من هنا يجب تحية مجلة «أيام مصرية» التى رغم إمكاناتها المتواضعة، تنبش فى ركام من الأكاذيب، مستهدفة الحقيقة والإنصاف.

والله أعلم

[email protected]