رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

خلافات مصر مع بعض الأنظمة الخارجية لا يجعلنا نعادى الشعوب، فنحن المصريين نحترم ونقدر الشعب التركى، والشعب القطرى، والشعب الإيرانى، رغم عدم رضانا عن الأنظمة التى تحكم هذه الشعوب بسبب بعض تصرفاتها التى تهدد أمننا القومى، ولكننا لا نأخذ الشعوب بذنب حكامهم وكفاية عليهم معاناتهم من أسلوب الحكم المفروض عليهم. فعندما يلجأ مواطن تركى لمصر طلبًا للعلاج لأنه لم يتوفر له فى بلاده، وعندما يكون الأمر متعلقًا بحياة هذا الوطن، فلا يمكن أن يرد له طلب فى مصر أم الدنيا، فمصر وطن لجميع من يقصدها مسالمًا، فكانت موافقة مصر على استقبال الساحر التركى عارف جعفورى وعلاجه فى قصر العينى الفرنساوى من لدغة كوبرا تأكيدًا على قيمة مصر وريادتها وتسامحها مع الشعوب المقهورة.

فهذا الشاب التركى لم يجد مستشفى لعلاج حالته فى اسطنبول جراء تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بسبب حكم الفرد الذى يمارسه رجب طيب أردوغان الذى احتكر جميع السلطات بعد السطو على صلاحيات البرلمان ومحاصرة القضاء، وممارسة فاشية ديكتاتورية، جعلته يحكم قبضته على البلاد، ويكمم أفواه معارضيه ويفكك الجيش، ويزج بقياداته وجنرالاته فى السجون، فمع حاكم مثل هذا الأردوغان لابد أن تتدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى البلاد عندما يعود الوجه التركى القبيح مجسدًا روح السلطان سليم الأول الذى عرف بغلظة القلب والدموية ومساعيه التوسعية فى البلدان. وأمام هذه الأوضاع المتدهورة فى بلاد الأتراك كاد الشاب التركى أن يفقد حياته وواجه صعوبات فى التنفس واضطراب الرؤية، وتم نقله بالاسعاف إلى انطاليا، وطلب العلاج فى القاهرة للحصول على المصل غير المتوافر فى بلاده، وبعد اتصالات دبلوماسية بين الجانبين المصرى والتركى، جاءت الموافقة على استقبال الشاب المريض فى قصر العينى لإنقاذ حياته، وتم احضار المصل المضاد للدغة الأفعى من مركز المصل واللقاح التابع لوزارة الصحة المصرية، وتم اعطاؤه للمريض مع بعض الأدوية الأخرى، وأشرف على الحالة فريق متكامل من الأطباء حتى استقرت حالته.

فتحية تقدير للعالم المصرى الدكتور نبيل عبدالمقصود استاذ علم السموم بجامعة القاهرة والدكتور أحمد طه مدير عام قصر العينى اللذىن نحيا الخلافات السياسية وقدما الواجب الذى أقسما عليه نحو المريض، أى مريض وانقذا حياة إنسان لا ذنب له فيما فعله السفهاء من حكامه.

هذا الواجب الإنسانى يفرضه أيضًا قسم الأطباء عندما يقسم الطبيب ببذل رعايته الطبية للقريب والبعيد للصالح والخاطئ، والصديق والعدو، فهذا واجب طبيب أقسم بالله على رعاية مريضه بصرف النظر عن جنسيته.

وقدرت الصحافة العالمية الواجب الانسانى للطبيب المصرى وأبرزت نيويورك تايمز الأمريكية هذا الحدث وذكرت أنه رغم الخلاف السياسى المرير بين مصر وتركيا إلا أن المحنة التى واجهها الساحر التركى جعلت مصر تنحى جانبًا الخلاف والاسراع فى انقاذ المريض.

وتجاهلت الصحافة التركية الحدث تمامًا لأن الأمر ليس بين الاعلام التركي فالامر بين صاحب الامر والنهى هناك، ونرد عليهم إنما نعالجكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورًا. دائمًا مصر فى خدمة الانسانية، وتمد يدها لمن يقصد علماءها ويطلب الأمان على أرضها، وتمنياتنا للشعب التركى بدوام الشفاء.

وأن يسخر له الله الحاكم العادل بدلاً من النظام الحالى الذى جعل الشعب يشك في نفسه، حتى وزير الدفاع التركى رفض تناول كعكة فى إحدى الحفلات خوفًا من أن يكون بها سم. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.