رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

كانت عناية الله تظلل المصريين فى أربع حوادث متتالية: فى حريق مستشفى الحسين، وخروج عربات مترو المرج، وانفجار مصنع بتروكيماويات هليوبوليس، وسقوط قطار الصعيد فى محطة المرازيق بالبدرشين، ولولا لطف الله لتكبدنا خسائر كبيرة فى الأرواح، وتركزت الخسائر فى المال فقط، وعلى رأى المثل اللى ييجى فى الريش بقشيش، وكان حصيلة هذه الحوادث إصابات طفيفة لبعض المواطنين وخرجوا من المستشفيات بسلامة الله.

لا راد لقضاء الله، ولكن الله أمر بأن نتوكل عليه، لا أن نتواكل، وهناك فرق كبير بين المعنيين، رسول الله«صلى الله عليه وسلم» قال لمن طلب منه النصيحة عندما خشى على ناقته من السرقة اعقلها وتوكل، ولم يقل له اتركها حرة واذهب، وهذا درس من الحاكم الأول للبشرية بأن نجتهد ونؤدى أعمالنا على أكمل وجه، ونعالج أخطاءنا، ونتوكل على الله.

فماذا فعلنا لمنع وقوع الحوادث السابقة التى كانت كافية لاجترار الأحزان فى كل بقاع مصر، وهل هذه الحوادث تحدث لأول مرة، بالطبع لا، فحوادث الحريق مرتبطة بمشكلة الأمن الصناعى، فكما وقع الحريق فى مستشفى الحسين، فإنه قريب من سقوط أسانسير مستشفى جامعة بنها، وحريق مصنع البتروكيماويات حدث مثله مئات الحرائق، ودائماً نظلم الماس الكهربائى، ونحمله المسئولية، ثم ننساه ليظهر مرة أخرى، وعن خروج عربات مترو الأنفاق وعربات قطار الصعيد عن القضبان فحدث ولا حرج عن إهمال الطرق والسكة الحديد، التى أصبحنا نطلق عليها السكة الحضيض، بعد أن فقدنا الأمل في إصلاح أحوالها، رغم اعتراف الدولة بأنها مرفق متهالك لكن لم يشهد أى تطوير رغم مسئوليته عن نقل آلاف البشر يومياً، وأخشى أن يكون قد حدث خطأ فى جهة النقل، فاتخذت القطارات طريقها إلى الآخرة.

ماذا حدث فى السكة الحديد،  كيف كنا ثانى دولة بعد بريطانيا ننشئ سكة حديد، ونصبح آخر دولة تطبق عنصر الأمان فى القطارات التى تحولت إلى منظومة متخلفة فى ظل التطوير التكنولوجى الذى تخلى عن المزلقانات، وطبق النظام الإليكترونى، وقلل الاعتماد على العنصر البشرى، لماذا يعانى هذا المرفق الحيوى ولماذا نتركه ينهار ونتفرج عليه، ونتذكره بعد كل كارثة عندما تسيل دماء الأبرياء على القضبان، وتتحرك الحكومة لمعاينة الحادث، وتتخذ بعض الإجراءات الروتينية ويعود كل مسئول إلى حال سبيله ونفيق على كارثة جديدة ونكرر نفس السيناريو.

لا أتهم أحدًا بالتقصير فى التعامل مع الحوادث، ولكن هل سأل أحد نفسه لماذا تتكرر حوادث القطارات فى البدرشين بالذات، هل قام مسئول سواء فى محافظة الجيزة أو وزارة النقل أو حتى على مستوى مجلس الوزراء أو مجلس النواب بمراجعة حجم الضحايا الذين راحوا جراء سقوط القطارات فى هذه المنطقة كل فترة، دائماً تركز الحكومة على العنصر البشرى وتحمله مسئولية الحادث وتتجاهل الأسباب الفنية، فى حادث البدرشين الأخير أحال وزير النقل بعض المسئولين للنيابة الإدارية وتم حبس سائق القطار ومساعده وبعض العاملين بالمحطة، وصرح وزير النقل بأنه لن يتهاون مع مقصر، وهذا إجراء مطلوب يتعلق بالشق الجنائى والعنصر البشرى فى الحادث، ولكن  حتى إذا تم حبس هؤلاء جميعاً والحكم عليهم، فلن تتوقف حوادث سقوط القطارات بشكل عام فى أى مكان وشكل خاص ومتخصص فى منطقة البدرشين. لماذا تتجاهل وزارة النقل العنصر الفنى فى الحادث، هل هناك خطأ فى تحويلة البدرشين، هل هناك خطأ فى تصميم قضبان السكة الحديد؟ أرجح أن هناك خطأ كبير فنى فى هذه المنطقة، وإذا راجعنا  حوادث القطارات السابقة فسنجد معظمها تركز فى هذه المنطقة بالذات، إلى جانب كشف العنصر الفنى فى حوادث القطارات، فإنه من الضرورى توافر الإرادة السياسية لإنقاذ السكة الحديد حتى تعود وسيلة آمنة لنقل المواطنين.