رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذه دعوة لكل مواطن يمتلك سيارة خاصة ان يتوجه لمتابعة ذلك الانجاز الرائع المتمثل في مشروع الاسكان الاجتماعي. ولأن المشروع يمتد بطول مصر وعرضها، حيث يكاد يصل لنحو مليون و800 الف وحدة حسب احدث البيانات فقد قمت انا عن نفسي بزيارة الاقرب لي والمثمثل في تلك الوحدات المقامة علي مايسمي الـ 800 فدان في مدينة اكتوبر . اما اذا كنت مواطن لايمتلك سيارة فادعوك الا تخوض المغامرة فستكره الدنيا ومافيها وسيتحول الامر بالنسبة لك الي رحلة من العذاب وذلك هو بيت القصيد.

لا ابالغ اذا قلت لك ان جولة سريعة او غير سريعة ستجعلك تشعر بالفخر من ان مثل هذا الانجاز يتم علي ارض مصر . المشروع كوحدات مقام وفق المواصفات التي يقول بها الكتاب — حسب التعبير الدارج. عندما ترمي بصرك في الافق من الصعب ان تلم بنهايات المشروع… لحظتها تذكرت تصريحا لرئيس جهاز مدينة اكتوبر يشير فيه الي ان ما تم بناؤه خلال السنوات الاخيرة يتجاوز ماتم علي مدي عمر المدينة.. انها مدينة سكنية جديدة لو امتلأت عن اخرها مع زميلاتها في المدن الاخري لخلخلت الكثافة السكانية في مصر والدول المجاورة!. وقد يكون ذلك احد بنود التحفظ علي مايجري لكن ذلك حديث ليس موضعه الان.

المشهد يشير الي عناية فائقة بالتفاصيل. هناك انسجام بصري في تشطيب واجهات العمارات التي يتجاوز ارتقاعها الادوار الخمس دون مصعد وذلك تحفظ ثان ليس هنا مجاله.

من الغريب والمفرح في آن واحد تلك المساحات الفراغية الكبيرة التي تم تركها امام كل مجموعة عمارات لتكون ساحات انتظار سيارات مما يشير الي أن المخطط وضع الكثير من الامور في اعتباره وليس كما عهدنا الاوضاع من قبل من انشاء ما اصطلح علي وصفه بعلب كبريت.

واذا كنت قد كتبت مقالا من قبل عن انتشار الكمبوندات في مصر وضروراتها في ضوء سوء احوال السكن في غيرها، فانني اشهد الله علي ان مارايته يتجاوز الكمبوند بكثير.. ولعله ليس من قبيل الحماس الزائد الناجم عن الانفعال بما رأيت الاشارة الي ان كمبوندا يقع في قلب المنطقة بين عمارات الاسكان الاجتماعي قد يكون اقل بهاءا وجمالا.

الملفت للنظر الحرص علي الانتهاء من «اللاند سكيب» حيث المساحات الخضراء بالمنطقة تبعث علي الراحة وصفاء النفس والذهن.. وقد يصل بك الامر الي حد ان تلوم الدولةوتتهمها بانها تحرص علي دلع المواطن حين تلمح البرجولات الفخمة متناثرة في انحاء المكان ليستمتع المواطن بالعيش في الهواء الطلق.

بعد سؤال واسقصاء علمت انني في منطقة التي تم تسليم وحداتها فيما لم يتم تسليم الباقي. رغم ذلك فان الموقف يشير  الي انعدام حركة العمران وتبدو الوحدات في اتتظار الذي لايأتي.. السكان او البشر اساس العمران.. بدأ لي البحث عن السكان كالبحث عن ابرة وسط كومة قش.. حينما تأملت وضعي حيث اتحرك بسيارة يخفف عني تكييفها شمس يوليو الحارقة.. بدا لي انني علي عتبة الفهم.. فاذا كان المسكين - المواطن - لايشغل باله تكييف او غير تكييف، فان همه يتركز في وسيلة المواصلات التي تقله لصحراء دهشور التي حولناها لجنات فيحاء مع وقف التنفيذ! بحثت عن توكتوك شرعي او غير شرعي فلم اجد. من بعيد لمحت حافلة نقل عام حمراء تأتي علي احيان من الدهر. سالت نفسي كم انفقنا علي هذه العمارات التي تكلف الوحدة فيه مائتي الف جنيه.. المليارات. وجدت نفسي اردد بصوت داخلي هل نحن نهدر مالا عاما؟ هل نكون كمن يتلف الطبخة - كما يقول المثل الشعبي- من اجل حفنة ملح! ماذا لو تحركت وسائل النقل جحافل ولو فارغة.. لتوفير الايحاء بعدم عزلة المكان؟ كم سيكلفنا اشعار المواطن بان انتقاله ليس انتقالا للاخرة حيث لاقريب ولا حبيب.. وانما نقلة نوعية في حياته للافضل؟ كيف نتجاوز اطماع البعض التي حولت الحصول علي شقة مدعومة من الدولة وسيلة للمضاربة وتفويت الفرصة علي المحتاج الحقيقي؟ حفاظا علي ذلك الثوب الزاهي الذي انفقت الدولة عليه الغالي والرخيص ما جعله يستحق لقب المشروع القومي؟

بدت لي الاجابة سهلة وبسيطة.. كل ذلك واكثر ممكن واكثر حينما يتحلي المسئول برؤية غير قصيرة المدي وحينما يتخلي المواطن عن هواه القائم علي نزعات الاكتناز الضيقة.. وقتها يمكن لنا أن نحلم بحق بان يحقق مشروعا مثل الاسكان الاجتماعي وغيره من المشروعات اهدافها التي وضعتها الدولة.

Mosta[email protected]