عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

الدين ليس سُلما لغايات شخصية. ليس سيفاً لتصفية حسابات، ولا مدونة لنشر جهالات. الدين رُقى ورحمة وتسامح. نفس تمنح، وطُهر يصدح، ونقاء يتناثر فى سماء الكون. منفعة للناس، ورُقى وتسامح وأفعال طيبة تقاوم القبح.

لذا، لا تصدقوا تديناً لدى مرتزقة نصبوا أنفسهم متحدثين رسميين باسم السماء فكفَّروا (بتشديد الفاء) ومنحوا ومنعوا، مُقدرين الجنة للبعض والجحيم لآخرين. لا تعجبك أقوالهم ولا ترضيك أفعالهم.

مُحام مغمور يطلب شهرة، فيُقدم بلاغاً يتهم فيه كاتباً جميلاً نقياً مثل خالد منتصر بالكفر. بل وازدراء الدين الإسلامى. تخيلوا خالد منتصر، الذى فنّد قبائح البداوة الذائعة زوراً باسم الدين يُجرجر إلى القضاء بتهمة ازدراء الدين؟

تصوروا مَن وقف ضد العنف والجهل والضلالات المروجة، يُهدد بالسجن لأنه قال رأياً وكتب كلاماً حول رفض «الشناوى» جائزة مقدمة من شركة خمور؟

اعتبر مقدم البلاغ، الكاتب خالد منتصر عدواً لدين الله، وخلفه احتشد المتسلفنون شرقاً وغرباً يطلبون دمه، راصين الاتهامات تلو الاتهامات بفسوقه حيناً، وخروجه من الملة حيناً آخر، وبتآمره على الإسلام، وتشكيكه فى كلام الله، وهلم جرا.

يُحاكم خالد منتصر لأنه اعتبر الإسلام دين رحمة، لم يأمر بقتل غير المسلم، ولم يدع إلى دفن النساء فى بيوت أزواجهن، ولم يأمر بعلاج المرضى بالرقية الشرعية دون طب ودواء. يُحاكم الرجل لأنه صحح وأوضح، وكتب وحلل، وناقش وفكر، بينما ينعم أصحاب فتاوى ازدراء الأقباط، وإرضاع الكبير، ومضاجعة الموتى، وتحريم عيد الأم بالأمن والطمأنينة.

أى مجتمع ذلك، وأى قوانين تلك التى تضع الكلمة فى الحبس؟ وأى أشخاص هؤلاء الذين يظنون كل كلمة حق كفراً وفسوقاً، وكل لحظة تأمل هدماً للعقيدة، وكل ثانية تفكير خطراً على الدين؟

لقد صار الإرهاب ميسراً وسهلاً، تحت لافتة القانون. كيف يسمح القانون بالحسبة فى ظل شيوع الإرهاب؟ ولِم نقبل تقنين محاكم التفتيش؟ وإلى متى يبقى كل صاحب رأى عُرضة للاتهام بازدراء الأديان؟

 قُل ما يُخالف فكرى وسأسحبك إلى ساحات القضاء متهماً إياك بالخيانة والكفر. ستنهش كلاب الطرق لحمك وسمعتك وسيقول فيك أصحاب اللحى وحملة المسابح مقولات الشتم واللعن والتسفيه، وستنفتح مواسير الصرف العقلى عليك ليدعى مُدعون عنك قبحاً لم تفعله وشراً لم ترتكبه. وحتى إن برأتك المحكمة فسيتعقبك ضال مُغرر ليمنحك رصاصة الموت، ظناً أنه ينفّذ فيك إرادة الله.

هكذا يُقتل الكتبة والمفكرون فى بلادنا، والدولة تتفرج صمتا. هكذا يُصنع المولوتوف الفكرى، وتُغرس بذور الإرهاب، وتوسع بحيرة التطرف لتخرج لنا الأرض قتلة ومهووسين ودمويين ومنعدمى الرحمة. هكذا يلفنا الجهل ويسودنا التواكل ويحكمنا التخلف.

الرصاصة لم تُخطئ هدفها، غير أن ذلك الهدف عصى على الرصاص. لذا يبقى خالد منتصر خالداً بكلماته الصادحة بالحق، العابرة للخوف، المقتحمة لأعشاش الجوارح. يبقى مُنتصراً بثباته وتماسكه وإصراره أن يخوض معارك نكش أدمغة التخلف.

يقول كافكا الجميل «نحن نكتب لننأى بأنفسنا عن معسكر القتلة». لذا فقد كتبت السطور السابقة. والله أعلم.

[email protected]