عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

من منا من الجيل القديم لم يخرج للدنيا فوجد أمه أو جارتهم أو أيا من كانت، تقوم بتربية الكتاكيت على سطح المنزل.. كان ذلك المشهد الذى يكاد أن يندثر أمرًا طبيعيًا ويدخل فى عداد العمل المنتج الذى تستطيع ربة المنزل من خلاله أن تكتفى ذاتيا من لحوم الدواجن، مقدمة بذلك مساهمة غير مباشرة فى زيادة الإنتاج من سلعة الطلب عليها عالٍ ويتم تغطية جزء من حاجتنا إليها من خلال الاستيراد وهو ما يعنى فى التحليل النهائى المساهمة المتواضعة فى الحد من عجز الميزان التجاري.

 ولأننا مجتمع لا يقيم لعملية الإنتاج الوزن الذى تستحقه فإننا لا نجد الهمة للقيام بعملية تربية كتاكيت من نوع حديث يمكن أن يكون لها أثرها بالغ الأهمية فى حل مشكلة ملحة من مشكلاتنا القومية وهى الطاقة من خلال استخدام أسطح المنازل فى توليد الطاقة الشمسية.

عندما تتأمل المشهد من قريب سوف ينتابك قدر كبير من الدهشة من المفارقة بين السلوك والفعل الحقيقي.. فالدولة تصرخ ليل نهار من الدعم الذى تقدمه للطاقة والذى يتجاوز مئات المليارات من الجنيهات، مما يدعوها إلى ترشيد هذا الدعم من خلال رفع سعر الكهرباء تدريجيا على خطة طويلة الأمد كان آخرها ذلك الرفع الذى من المقرر أن يتم على الفاتورة الشهرية التى تبدأ اعتبارا من أمس بداية يوليو.

فى مواجهة هذا الصراخ فإن تعزيز استخدام الطاقة الشمسية، من خلال أسطح المنازل، بعمل فردى تقوم عليه الأسر، على غرار تربية الكتاكيت،  يمكن أن يخفف من حدة الأزمة ويقلل من فاتورة الدعم ويمثل عملا منتجا مثل أى عمل آخر فى مصنع أو أرض زراعية أو غيرها، غير أن الأمر لا يسير على الصورة التى يمكن أن يخيل إليك أنه يسير عليها، فلا الدولة تقدم التسهيلات التى تشجع الأفراد على مثل هذه المهمة ولا الأفراد ذاتهم لديهم الخيال الخلاق الذى يجعلهم يقبلون على هذا العمل.

منذ سنوات ويستحوذ عليّ الاهتمام بهذه الطاقة والتى أرى فيها حلا سحريا لمشاكل مصر رغم ما قد يكون فى ذلك من مبالغة، وإن كانت مبالغة فى محلها، ولذلك كان يسعدنى كل خبر عن توسع الدولة فى هذا المجال سواء من خلال تطبيقها على بعض المناطق أو إقامة محطات كاملة مثل محطة بنبان بأسوان التى تعتبر وفق توصيف البعض سد عالى جديدًا، ما يشير إلى حجم الطاقة التى يمكن توفيرها من هذا المصدر .. الشمس.

ولأن إقامة محطة كبرى مثيلة لبنبان تحتاج لمساحة هائلة – حوالى 9 آلاف فدان -  فإن ذلك يعنى ببساطة أن أسطح المنازل توفر البديل المناسب، فمن جهة فهى أماكن غير مستغلة أصلا، ومن ناحية ثانية فإنه مشروع يساند الدولة فى مهمتها في مواجهة نقص مصادر الطاقة. بعد السؤال ومن خلال تجربة عملية أدركت أن الأمر تقف دونه العقبات، فهناك مسئولون فى وزارة الكهرباء من المفترض أن يشجعوا على هذا الأمر ليس لديهم الحماس الكافى للأمر وبدا أنهم ينظرون لمن يفكر فى الأمر على أنه من الأشخاص غير الطبيعيين.

السؤال : بدلا من التباكى على نقص الطاقة الكهربائية لماذا لا يكون مشروع استخدام الطاقة الشمسية من خلال استغلال أسطح المنازل أحد المشروعات القومية ونحن فى زمن ما أكثر هذه المشروعات التى لا بد أن نطرح التساؤلات حول جدوى الكثير منها. أتصور أن هناك الكثير من الدراسات والتقديرات بشأن هذا الأمر، ولكن ما هو أكثر أهمية هو أن تجد هذه التصورات طريقها إلى التنفيذ.

أقدم هنا مثالا عمليا من خلال إحدى الشركات التى تقدم مثل هذه الخدمة، حيث إن تكلفة محطة صغيرة على مساحة 50 مترا تكلف نحو 70 ألف جنيه ويمكن أن توفر عائدا يقترب من الألف جنيه شهريا. ماذا تخسر الدولة لو شجعت مثل هذا التوجه؟ على المستوى الرسمى فإنه يبدو لك أنها لم تقصر، غير أنه على أرض الواقع فإن الحصول على قرض لإتمام هذا المشروع يبدو صعب المنال بفعل الفوائد العالية والعقبات العديدة التى توضع لإتمامه رغم أنه من المفترض أن يقدم بفوائد متناهية الصغر، باعتبار العائد القومى الكبير الذى يعود على الدولة وليس الفرد من خلال التوسع فى مثل هذه المشروعات.. حيث لن يكلف الأمر القيام على تقديم الأكل يوميا للكتاكيت وإنما مسح الألواح الشمسية مرة فى الأسبوع على الأكثر.

هذا ليس سوى مجرد نموذج، يطول فيه الحديث، وسنعود إليه مجددا، لمشكلة تواجهنا والحل سهل وبأيدينا غير أننا نبحث عنه فى غير موقعه .. لنظل نلف وندور ونتوه دون أن نصل إلى العثور عليه وذلك من بين أكبر أسباب أزماتنا.  

[email protected]