رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

«انشرها بارك الله فيك.. أرسلها إلى 10 أشخاص وستسمع خبرًا يسرك».. «لأني أحبك، أرسلها لكل أصدقائك وجميع من عندك في قائمة الاتصال، النتيجة مجربة وإيجابية بإذن الله».. «لا تجعلها تقف عندك، هناك كثيرون أهملوها وزادت حياتهم بؤسًا وشقاءً»!!

على مدار العام، إن لم يكن كل يوم، تصلني بعض الرسائل على الهاتف من الأقارب والأصدقاء والزملاء، خصوصًا تلك السخافات «تحت بند، ابعتها لكل الناس إللي عندك وأنا أولهم.. ما هي كانت عندك، أبعتهالك تاني ليه؟»، حيث يطلبون مني إرسالها إلى عدد معين من الأشخاص، بقصد «نشر الخير ونيل الثواب»، أو من باب «الدالَّ على الخير كفاعله»!

لعل أكثر ما أزعجني أن واحدة من تلك الرسائل «الخيِّرة» جاءتني من أحد الأصدقاء، لتفزعني من نومي، كانت بعنوان «لا يخدعنَّكم المخادعون»، وفي آخرها جملة «انشرها بارك الله فيك، لأن الناس لا يفقهون دينهم ولا يعقلون واقع حياتهم»!!

تلك الرسالة، لا أعلم إن كانت موجهة ومقصودة أم عشوائية، تعيد فتوى نُشرت على موقع دار الإفتاء «قبل عام» استندت إلى أحد الأحاديث النبوية، إثر انشغال الحكومة بـ«الصب في مصلحة المواطن»، وغلاء الكهرباء والماء والغاز والمترو والوقود.. وكل شيء تقريبًا، مؤكدة أن رفع الأسعار «قرار إلهي وينبغي على الناس التعلق بالله والدعاء»!!

رسالة مطولة تبرر غلاء الأسعار «من منظور شرعي»، وتشير إلى أن الحل والعلاج يكون فقط «بالتوبة والاستغفار والتوكل على الله، لأن ارتفاع اﻷسعار بسبب ظلم العباد، وانخفاضها قد يكون بسبب إحسان بعض الناس»!!

في الحقيقة بعد أن قرأت الرسالة، لم أستطع إرسالها، كما طُلب مني، لأنه لو كانت الأمور بتلك البساطة، لما كانت هناك أزمات أو مشاكل أو منغِّصات، ولكان شغلي الشاغل في الحياة هو تأليف ونقل وإرسال الرسائل، ليلًا ونهارًا، كي يزيح الله البلاء!

نتصور أن الحل في مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار والجشع والغُلب والبؤس والقهر والتخلف والضعف والذل والهوان، لا يكون بنصيحة هؤلاء الضعفاء المتواكلين، من خلال رسائل مصحوبة ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، خارجة عن سياقها.. لعل وعسى أن يتحقق المراد من رب العباد؟

إن الدين لم يُختزل في عبارات يتمتم بها بعض الناس أو يتناقلوها فيما بينهم عبر مواقع التواصل، لأنه في الأساس دين عبادات ومعاملات وأخلاق وسلوك، وهو دين لا يستطيع أحد أن يقوم بتسطيح رسالته أو منهجه على هذا الشكل العبثي الرديء!

ما هذه التفاهات والعبارات الركيكة التي تختزل العقيدة في كلمات، وترديد الأكاذيب والخرافات والتهديد والوعيد في حالة عدم الإرسال؟.. فهل تجاهل تلك الرسائل هو ما أوصلنا إلى التخلف والجوع والفقر والمرض والفساد والاستبداد؟.. للأسف شيء غير منطقي يفتقر للعقل، وليس إلا عبث وتفاهة ومضيعة للوقت لا أكثر!

رسالتي للجميع.. إن جوهر الدين يتطلب منَّا الاجتهاد والاعتماد على النفس والأخذ بالأسباب، كما يتطلب علمًا وعملًا وكفاحًا وتخطيطًا سليمًا، لا أن نعتمد على رسائل الإنترنت أو العشوائية والكسل أو التواكل.. تلك الظواهر السلبية التي تتسبب في تراجع الأمم وتخلفها، وتقف عائقًا أمام تقدمها وتطورها!

أعزائي.. لا تجعلوا هذه الرسالة تقف عندكم، أرسلوها إلى 10 على الأقل من أحبائكم، وستجدون الخير على أبوابكم، أما الرسائل الأخرى فما عليكم سوى أن تحذفوها على الفور ولكم الأجر والثواب.

[email protected]