رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ما يجرى فى مدينة العلمين، أو العلمين الجديدة إن صح التعبير، له وقع خاص فى قلبى، شىء يسر له المرء ويسعد. وإذا كان لا بد لكل ناقص من اكتمال، فلعل المشهد هناك يسد بعض الثغرات التى نراها فى المشهد العام فى مصر. صحيح أن الجدل دائر ويدور حول العديد من المشروعات القومية الكبرى، ومن بينها فى مجال حديثنا العاصمة الإدارية، وغيرها إلا أن العلمين، من وجهة نظرى والتى أرجو أن تكون صحيحة، شىء ثانى مختلف.

ما يحدث هناك نقلة كبرى بمنطقة أكل عليها الدهر وشرب دون أن تجد طريقها للتحول إلى مجتمع عمرانى ذى معنى أو مغزى. لقد ارتبطت العلمين فى أذهاننا بالألغام وحقولها وكانت منطقة يحمد الله من يمر عليها أن خرج بسلام. أتذكر أننا فى أوائل الثمانينات وحين كانت مرسى مطروح وجهتنا السياحية كشباب فى مقتبل العمر أننا كنا نعتبر مرورنا بالمنطقة بدءًا من الحمام وحتى دخولنا ما قبل مطروح شيئاً أشبه بالمغامرة فى تيه الصحراء التى لا زرع فيها ولا ماء. حينما كان يقف القطار فى محطة الحمام أو العلمين كنا نشعر بالخوف رغم أننا فى قلب النهار.

وحينما التفتنا كدولة إلى المنطقة فى عقد التسعينات كان أفضل مثل ينطبق على حالنا هو ذلك القائل: «جاء يكحلها فأعماها».. من خلال الكتل الخرسانية التى تسمى قرى سياحية على طول شاطئ الساحل الشمالى. بدأ الأمر على استحياء من خلال رؤى وزير الإسكان حسب الله الكفراوى لتشكيل نواة لتعمير الصحراء المصرية على طول الساحل حتى مرسى مطروح، وما أن بدأ الإنشاء حتى أصبحت القرى السياحية كالمارد الذى خرج من القمقم لا يوجد من يستطيع أن يوقفه أو يحد من تغوله.

وبدلًا من أن نوجد بقعة انطلاق لتعمير الصحراء أوجدنا بقعاً متعددة تضيف أعباءً على الاقتصاد القومى، حيث غرق الساحل فى طوفان القرى التى ملأت آفاقه بدءًا من الإسكندرية وصولاً إلى قرب مطروح مبتلعة مئات المليارات من الجنيهات فى مبان ومنشآت وخدمات لا ينتفع بها المصريون سوى ثلاثة شهور فى العام، مما يمثل بحق جريمة إهدار مال عام على مرأى ومسمع من الدولة وبيديها أيضاً.

وقد كتبت فى ذلك الشأن أكثر من مقال منها مقال بعنوان «جريمة الساحل الشمالى»، وكتب آخرون ينتقدون سفه الدولة وغياب قدرتها على تنظيم قطاع من الأرض يمكن أن يسهم فى تغيير شكل الخريطة السكانية فى مصر. كنت أشعر بالأسى كلما مررت بالساحل الشمالى فى صيف كل عام من كل هذا السفه الذى يعيشه المصريون فى مناطق لا تعمر سوى فصل واحد من العام، دون أن يجدوا الوسيلة لجعل هذا الساحل يضيق بساكنيه على مدار فصول السنة.

إلى أن جاء مشروع العلمين الجديدة والذى أتصور أنه نواة أكثر من رائعة لمثل هذا التحول، وهو مشروع يستهدف إنشاء عاصمة ساحلية ثانية لمصر إلى جانب الإسكندرية، التى يعيش فيها قاطنوها طوال العام دون أن يشتكوا مثل قاطنى الساحل الشمالى من التداعيات السلبية للشتاء!!

جولة صغيرة وسريعة فى أنحاء المدينة الجديدة تكشف لك عن حجم الحماس والأمل التى يعلقها العاملون هناك والقائمون عليه.. العمل بحق يجرى على قدم وساق.. خلايا نحل من العمال تنتشر بطول المنطقة خاصة يسار طريق الساحل حيث المنطقة السياحية والتى تم إنشاء كورنيش فيها بطول 14 كيلومتراً مربعاً سيكون متنفساً رائعاً ومعلماً من معالم المنطقة. وقد تندهش إذا علمت أنه خلال فترة قصيرة من الإعلان عن اعتزام إنشاء العلمين الجديدة تم إنشاء العديد من المبانى الحيوية يأتى من بينها فندق الماسة الذى يمثل نمطًا كان من المفترض ان يكون سمة الساحل وليس شاليه لكل مواطن كما هو قائم حالياً.

ليس المجال هنا للحديث عن تفاصيل مخطط المدينة فذلك يمكن الرجوع إليه على شبكة الإنترنت وإنما الإشارة إلى جوهر الفكرة والتى تنقلنا سكانيًا وعمرانيًا نقلة أخرى من خلال المدينة والتى تقدر مساحتها المبدئية بنحو 48 ألف فدان بطول يصل لنحو 20 كيلومتراً من مجمل طريق الساحل، فضلًا عما يمكن أن تمثله من نقطة يمكن أن تتسع لتحقق توسعًا عمرانيًا فى مختلف الاتجاهات ليقضى بذلك على فكرة غلق الساحل على مجموعة مصطافين تتحول المنطقة معه بنهاية فصل الصيف إلى بيوت للأشباح. باختصار إذا سألتنى عن رأيى فإنه يتلخص فى أن العلمين الجديدة إذا تم تنفيذها وفق المخطط لها، فإنها ستكون بحق تصحيحًا لأخطاء الماضى فيما يتعلق بنمط وطبيعة استغلال الساحل الشمالى.

[email protected] com