رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

التقارب السياسى الراهن بين اثيوبيا واريتريا.. والذى يبشر بتحول كبير فى تاريخ الصراع بين البلدين الذى استمر لعدة عقود وسقط خلاله مئات الآلاف من الضحايا.. لا يمكن النظر اليه بمعزل عن التحركات الاقليمية المكثفة.. والناجحة التى قادتها كل من مصر مؤخرا.. فى إطار محاولة فرض «حل سياسى بديل عن الحرب» فى مواجهة «الشطط الإثيوبي» الذى تحركه أصابع خارجية «ليست خفية» وقوى دولية معادية وأذنابها تحاول العبث ليس فقط بأمن مصر المائى والملاحى.. ولكن أيضا وهذا أهم النفخ فى كير الصراع المحتدم بمنطقة «القرن الافريقي» الاستراتيجية.. والتى تربط شمال العالم بجنوبه لتحكمها فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر الذى يربط بين قناة السويس عند البحر المتوسط وباب المندب المطل على المحيط الهندى وبحر العرب.. وهى فضلا عن ذلك أحد المفاتيح المهمة لطريق تجارة البترول القادم من دول الخليج إلى الغرب.. وأيضا هى «الممر الاستراتيجى الأهم» للتحركات العسكرية الغربية فى اتجاه مسرح عمليات قوات التحالف الدولى بمنطقة الخليج العربى.

•• بالأمس

أعلن الرئيس الإريترى أسياس أفورقى أنه سيرسل قريبا وفدا إلى إثيوبيا لإجراء حوار بناء.. ردا على مبادرات الانفتاح التى قام بها رئيس الوزراء الإثيوبى أبيى أحمد على الذى زار مصر مؤخرا.. وعقد لقاء تاريخيا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى وصفناه فى مقال سابق بأنه يمثل نقطة تحول مفصلية.. ليس فقط فى الصراع المصرى الاثيوبى حول سد النهضة.. ولكن أيضا فى خريطة التوازنات الاستراتيجية بمناطق القرن الافريقى والخليج العربى والشرق الأوسط بوجه عام.

وتأتى أهمية هذا التقارب بين أديس أبابا وأسمرة.. بالنظر إلى تاريخ الصراع الطويل والحروب العسكرية الممتدة بين البلدين.. التى استمرت نحو 30 عاما قبل أن تستقل اريتريا عام 1993.. وحتى وقت قريب جدا كان الطرفان يواصلان تبادل الاتهامات بينهما حول انتهاك مناطق حدودية مشتركة.. أو حول دعم متمردين بهدف زعزعة الأمن فى كل منهما.. وهو ما ظل ينذر دائما بعودة الحرب العسكرية بين البلدين فى أى وقت.

•• والحقيقة

ان مصر لم تكن بعيدة مطلقا عن هذا الصراع.. بل هى ظلت حتى الآن داعمة ومساندة لاستقلال الدولة الأريترية وحقها فى الدفاع عن سيادتها على أراضيها فى مواجهة جارتها الاثيوبية.. ويكفيك أن تعلم أن جبهة التحرير الأريترية تأسست فى القاهرة فى عام 1960.. كما كانت مصر من أوائل الدول التى ساندت الثورة الإريترية.. ومن أوائل الدول التى أقامت علاقات دبلوماسية مع دولة إريتريا عام 1991.

كما جمعت البلدين مصر واريتريا مصالح مشتركة فى مواجهة تحديات الأمن المائى والملاحى والحرب ضد الإرهاب.. ولم تنقطع زيارات الرئيس أسياس أفورقى «التنسيقية» إلى القاهرة التى كانت آخرها فى يناير 2018 حيث استقبله الرئيس السيسى موجها رسالة تحد وإنذار إلى أديس أبابا وذيولها فى قطر وتل أبيب وغيرهما والى أصابع القوى الإمبريالية الدولية التى تحرك الصراع فى المنطقة.

•• هنا

نعود إلى الحدث الأهم فى هذا الملف بالغ الحساسية والتعقيد.. وهو التغير السياسى التاريخى الذى حدث فى اثيوبيا بالاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء السابق هايلماريام ديسالين.. وصعود رئيس الوزراء الحالى آبيى أحمد المنتمى إلى «عرقية الأورومو» المناوئة للنظام السابق والتى ينتمى اليها أيضا معظم الاثيوبيين الذين يعيشون فى مصر ويتلقون دعما ومساندة دائمين من السلطات المصرية.

ونسترجع مرة أخرى مشهد المؤتمر الصحفى الذى جمع فى القاهرة بين الرئيس السيسى وآبيى أحمد.. والذى وقف خلاله المسئول الاثيوبيى مرددا القسم خلف السيسى باللغة العربية بعدم إضرار بلاده بشعب مصر.. فى سابقة تاريخية.. ولنؤكد أن مصر بتحركاتها الدبلوماسية والسياسية و«الاستخباراتية» تجاه اثيوبيا قد حسمت بالفعل قضية «سد النهضة» لصالحها.. وحققت انتصارا فى ملف أمنها المائى والإقليمى لا يقل أهمية عن الانتصار العسكرى فى حالة ما اضطرت للدخول فى حرب عسكرية مباشرة ضد النظام الإثيوبى السابق.