رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آفة الصحافة

تذكرت مُقدمة مقالة للزميلة الكاتبة السعودية " هالة القحطانى " عن المساواة كتبت تقول : " في الوقت الذي مجدت فيه الاساطير التاريخية ” البوم” واحاطته بكثير من السحر والخيال ، عرفه المُجتمع الشرقي كنذير قُبحٍ وشُؤم ، بلونه الأربد المُعتِم ، و بجميع أنواعه ومساكنه المُريبة التي يبنيها بكسل ، ولا تبتعد كثيرا ، عن الغابات والكهوف والخِراب المهجورة وتجاويف الصخور والاشجار، التي ما ان يهجرها “حيوان آخر” حتى يلبد بها، مُتربصاً مرور فريسة يلتقطها ببراثنه يُمزقها بمنقاره المعقوف ليقتات عليها ، ومتى ما افرغ من طعامه وشبع ، يبدأ احتفاله الصاخب ليملأ الليل نعيقاً بصوته القبيح.

تُفاجئك قُدراتك الاستدراكية لتكشف بأن قناعاتك الشخصية تجاه البعض كانت وهمية ، خاصة حين تضعك الظروف بين افراد لا تسقط “السبحة” من أيديهم ، ولا يؤدون فرضاً الا في المسجد ، ولا يخرجون من مجلس دون ان يحرصوا على ان يردد الجميع دعاء الاستغفار ، وحين يباغتوك بالغش في العمل ، ويقسمون كذباً ، ولا يترددون عن الخوض في اعراض الناس ، تُدرك بان تدينهم الذي رأيت كان ظاهريا ، ولا علاقة له بالمعنى الحقيقي للتدين " .

اذاً فليس كل ما يُسجله التاريخ القديم والحديث فى زمن ما يتسم بالأمانة والموضوعية وصدق النية ، وحتى ليس كل ما نراه بالعين المُجردة أو تنقله الينا " فيديوهات مصورة " يعكس الحقيقة ، كما ان انتشار التعليقات فى مواقع التواصل الاجتماعى أو حتى الصحافة الاحترافية لا يجسد الصدق " دائماً " .

نشرت وسائل الاعلام الهولندية مؤخراً ان : " العالم العربي مُندهش من مُشاهدة " رئيس وزراء هولندا مارك روتا " فى شريط فيديو وهو ينظف الأرض بنفسه ، بعد ان سقط فنجان قهوة من يديه في ساحة مجلس النواب ، وقد فعل ذلك بينما وقفت مجموعة من عمال النظافة وهم " أجانب " يشاهدون الموقف .

وقد رصدت الاحصائيات ان مشاهدة الفيديو بلغت أكثر من نصف مليون مرة في العالم العربي ، وتردد أن رئيس حكومة هولندا لا يعتقد  فى نفسه أنه شخص مهم للغاية ، وقوله شخصياً انه على من يصنع الفوضى أو يرتكب خطأ فيجب اصلاحه حتى لو كانت تنظيف الأرض ، فلماذا الدهشة ؟ ولما المُبالغة فى الأمر ؟! .

أما بعض تعليقات مواقع التواصل الاجتماعى فقالت بسخرية تحت عنوان " يتم تنفيذ حُكم الاعدام " لو حدث فى بلادنا ، وآخر : ها ها ها هنا يبدأ التطوير .

وقد تباينت تعليقات المصريين بين النكات ومُقارنة بين سلوكيات الشخصيات السياسية فى مصر وهولندا عن التواضع ووصف البعض بالتكبر .

الاعلام الهولندى بدوره أعرب عن شكوكه فى النية الصادقة لرئيس وزراء بلاده وذكر البعض انه كان يُخاطب عدسات التصوير ، واستغل الموقف على سبيل الدعاية لنفسه وحكومته ، وان " مارك روتا " يعرف جيداً متى تكون الكاميرات مُتجهة اليه ، وبعض من كُتاب مقالات الرأى فى هولندا قال : " أن تكون رئيسا للوزراء فأنت مسؤول عن كل ما تقوم به، خيرا أو شرا، ولو كان كوبا من قهوة تسكبُه على الأرض عن طريق الخطأ.

لكن ما لم يكن متوقعا هو أن يُسارع رئيس أعلى سلطة تنفيذية في هولندا إلى تنظيف المكان أمام استحسان وتصفيق السيدات المكلفات بالنظافة.

قد يبدو المشهد طريفا ، لكنها بدون شك لفتة طيبة من رئيس الوزراء الهولندي، فهي تنمّ عن الاحترام للسيدات المكلفات بمهمّة التنظيف ، والأهم من هذا أن روتا تحمّل مسؤولية عمله، انطلاقا من مبدأ " من بدأ المآساة عليه أن ينهيها " وحتى لوكان الرجل تعمد فعل ذلك لعلمه ان الكاميرات تصوره فهو قد ضرب مثالاً جدير بالاحترام . نتمنى أن يكون مارك روتا قُدْوةً لكل من يسكب قهوةً وأشياء أخرى فى بلادنا .