عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ضرورة تشكيل الأمم المتحدة قوة ردع لضرب جماعات الإرهاب

المنظمات الحقوقية تتعامل بازدواجية وتزايد على الدول العربية

الإجراءات الاستثنائية مهمة لفرض الأمن والسلام على الدول المتضررة

الجماعات المتطرفة تصدر مشهداً سيئاً عن الإسلام وتظهره فى غير ثوبه

مصر أول من نبهت وحذرت من مخاطر الإرهاب على العالم

 

هناك دروس كثيرة مستفادة من الحادث الإرهابى الأخير الذى ضرب فرنسا وأودى بحياة 153 مواطناً فرنسياً و100 مصاب، وهذه الدروس يجب أن تفعل فى قرارات مهمة تجمع العالم أجمع وراء هدف واحد هو التكاتف والتلاحم للتصدى ومكافحة الإرهاب الذى لا يعرف ديناً ولا حدوداً.

أول هذه الدروس هو ضرورة قيام الأمم المتحدة بدورها المنوط بها، وهو حفظ الأمن والسلام الدوليين، فى كل بلدان العالم بدون تمييز أو تفرقة، وهذه الوظيفة تعد الأهم لدى الأمم المتحدة ولا شىء أهم منها، فالحفاظ على الأمن والسلم مسألة أساسية فى منظومة الأمم المتحدة ولا يجب تخليها عنها أياً كانت الظروف والأسباب. وهذه الوظيفة الأساسية للمنظمة الدولية هى التى دفعتنى منذ عدة سنوات للمطالبة بضرورة قيام المنظمة بممارسة صلاحياتها فى هذا الشأن.

فليس هناك شىء أهم من قيام الأمم المتحدة بحفظ الأمن والسلام الدوليين بكل الوسائل الممكنة ويأتى على رأسها وظيفة التدخل فى أى منطقة من دول العالم بهدف حفظ الأمن وإفشاء السلام. وفى هذا الصدد نقترح أن تقوم الأمم المتحدة بتشكيل جيش تابع لها تكون له صلاحيات فى التدخل بأى منطقة تواجه الإرهاب وبشرط طلب هذه الدول نفسها للتدخل بهدف التصدى للإرهاب.

ومن حق الأمم المتحدة أن تبحث فى هذا الأمر بجدية بالغة للتعرف على مصادر تمويل جماعات الإرهاب سواء بالمال أو العتاد والأسلحة، بالإضافة الى ضرورة حرصها على الحصول على كل المعلومات بشأن هذه الجماعات التى تهدد الأمن فى الدول، فخلاصة القول لابد من تعطيل حقيقى للمنظمة الدولية فى ممارسة كافة  اختصاصاتها، وليس هناك أهم من اختصاص مكافحة كل ما يهدد الأمن والسلام.

الأحداث الأخيرة التى وقعت فى فرنسا، لا يمكن أن تحدث من أفراد عاديين، بل إننا نستطيع أن نجزم بأن وراء هذه العمليات الإرهابية الخطيرة كماً هائلاً من المعلومات تحتاج الى أجهزة استخبارات كبرى.. إذن فمن وراء هذه الظاهرة المرعية من إرهاب عابر للقارات، حيث إنه لم يعد  مقصوراً على منطقة بعينها وإنما تعدى الى الدول الغربية التى تتمتع بتقنية عالية من أجهزة المعلومات، والأمن المشدد. إذن من وراء هذه العمليات الإرهابية البشعة المتوحشة التى باتت تطول الجميع بلا استثناءاً؟.

الآن عندما تحدث عمليات إرهابية بهذه الوحشية فى دولة أوروبية مثل فرنسا، قامت الدنيا ولم تقعد، فى حين أننا فى البلاد العربية نجد هذه العمليات تتكرر بشكل لافت للنظر، ولم تقعد الدنيا أو تقف، فهذه ازدواجية لابد أن تنتبه إليها المنظمة الدولية وتضع تحتها خطوطاً حمراء كثيرة. والدليل الدافع على ذلك أننا نجد منظمات حقوق الإنسان تتصيد لبلادنا الأخطاء ولا تكون منصفة فى تقارير ما  رغم أن الإرهاب واحد سواء كان فى مصر أو فرنسا التى شهدت الأحداث الأخيرة.. فى مصر يتقولون علينا ويزعمون أشياء ما أنزل الله بها من سلطان ويتساءلون من الإجراءات الأمنية وخلافه، متهمين البلاد بالتقصير وخلافه من المغالطات فهل هذه المنظمات التى تنتفض لصالح الدول الأوروبية، سألت عن المعيار الأمنى لهذه الدول التى وقعت بها حوادث إرهابية؟!.. وهل دول الغرب ينقصها الإجراءات الأمنية؟!.. ورغم أن التدابير الأمنية فى الخارج لا أحد يشكك فيها إلا أن الإرهاب طالها وليست فرنسا وحدها التى شهدت أحداثاً إرهابية، بل سبقتها الولايات المتحدة الأمريكة عندما اقتحمت الطائرات برج التجارة العالمى فى نيويورك وسوته بالأرض عام 2001 فى الأحداث الشهيرة فى 11 «سبتمبر»، وكذلك الحال مع الطائرات بان أمريكان فى «لوكربى».

الذى نعنيه فى هذا الأمر هو أن الإرهاب لا يميز بين دولة وأخرى، سواء كانت هذه الدولة عربية أو أوروبية، وكما قلنا قبل ذلك فإن الإرهاب لا يعرف ديناً ولا حدوداً.. ثم إننا فى بلادنا عندما نتخذ من الإجراءات ما يحفظ أمن وسلامة أراضينا تقوم الدنيا على رؤوسنا ونسمع حديثاً أشبه بالهراء من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فى حين أن ألسنة هؤلاء لا تنطق عندما تقوم أية دولة أخرى فى أوروبا باتخاذ الإجراءات الكفيلة من أجل استقرار وسلامة وأمن بلادها!! هذه الازدواجية بسبب تجاهل دور الأمم المتحدة التى يجب أن تكون على مسافة واحدة من جميع الدول.

الدرس المستفاد من أحداث فرنسا، هو أننا بتنا أمام ظاهرة إرهاب عالمية لا تميز بين دولة وأخرى ولابد للأمم المتحدة أن تضطلع بمسئوليتها المكفولة لها وتتقصى حقيقة هذا الخطر وتبحث فى حقيقة التنظيمات الإرهابية ومن وراء ما يمولها بالمال والأسلحة والعتاد، حتى باتت التنظيمات الإرهابية بهذا التوحش تهدد الدول بهذه الضراوة وتقتل الأبرياء وتهدد السلم والأمن الدوليين والمنظمة الدولية تقف متفرجة دون اتخاذ التدابير المطلوبة فى هذا الشأن.

لو قارنا بين ما اتخذته فرنسا عقب الأحداث من إجراءات طوارئ وأمور استثنائية وبين ما يحدث فى مصر، لوجدنا أننا فى بلادنا أقل بكثير ففرنسا ألزمت مواطنيها بالبقاء فى منازلهم فور وقوع الحادث ونزل الجيش الفرنسى للسيطرة على الأمر لسرعة عودة الأمن والاستقرار للأراضى الفرنسية أما عندنا فى مصر فلو تم اتخاذ هذا الإجراء فسنجد المنظمات الحقوقية وأمثالها ترمى مصر بالتقصير وتندد بأى إجراء تتخذه البلاد من أجل عودة الأمن والاستقرار، وكما قلنا قبل ذلك يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، بل ويصفون بلادنا بأنها تتخذ إجراءات غير مسبوقة.

فى حين أن فرنسا عقب الأحداث مباشرة اتخذت من الإجراءات الاستثنائية الكثير وهذا حقها والأمر يستوجب ذلك فهى قد فرضت حالة الطوارئ وترحيل الأجانب وفرض الرقابة على الإعلام، ومنحت الشرطة صلاحيات استثنائية ومنع التجوال كلياً أو جزئياً وتفتيش المنازل والاعتقال دون إذن قضائى وفرض الإقامة الجبرية وإغلاق المقاهى ودور السينما، كل هذه الاجراءات الاستثنائية بسبب ظروف استثنائية تعرضت لها البلاد، فلا يجوز التعامل بالإجراءات العادية أمام ظرف استثنائى يعرض البلاد للخطر وعدم الاستقرار، ولم تكن فرنسا بدعاً فى هذا الأمر وحدها، بل سبقتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001 فقد فرضت إجراءات استثنائية مشددة تناسب الفعل الذى تم لأن الإجراءات العادية لا تنفع مع هذا الأمر، بل إن أمريكا وضعت قانوناً لمكافحة الإرهاب بعد الأحداث مباشرة، والإجراءات العادية ستتم فى الحالات العادية، لذلك نستغرب شديد الغرابة مع الذين يزايدون على مصر عندما تتخذ إجراءات تناسب الرد على الأفعال الإرهابية والإجرامية والتى تهدد أمن واستقرار البلاد وتأمين مرافق الدولة العامة والخاصة.

هناك درس آخر مهم فى هذا الشأن وهو ثبوت أن مصر على حق، بل إن لديها رؤية ثاقبة عندما تصدت للإرهاب وكافحت وحذرت من مغباته بل إن مصر كانت على دراية كبيرة بالآثار الخطيرة لهذا الإرهاب الأعمى الذى لا يفرق بين دولة وأخرى، وهو ما أعلنت القاهرة مراراً وتكراراً محذرة من عواقبه الوخيمة على البشرية، وبذلك تكون مصر سباقة فى هذا الأمر، ويوم قامت القوات المسلحة والشرطة المدنية بالتصدى للإرهاب بتفويض من الشعب المصرى، إنما كانت البلاد تدرك كل العواقب الوخيمة لخطر الإرهاب ولاتزال تتصدى لكل التنظيمات الإرهابية حتى تقتلع جذورها وتتطهر البلاد من دنسهم، لقد كان الفكر المصرى سباقاً فى التنبيه الى أن الإرهاب ظاهرة عالمية، وهو بالفعل ما يحدث الآن.

هناك أيضاً أمر بالغ الأهمية لابد من التركيز عليه وهو أن جماعات الإرهاب هذه تصدر مشهداً سيئاً عن الإسلام وتظهره فى غير ثوبه الحقيقى القائم على الرحمة والمودة وتحريم القتل والعنف فالله عز وجل يقول فى محكم آياته.. «ادعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم».. هذه المشاهد التى يقوم بها الإرهابيون صورت صورة غير حقيقية عن الإسلام الذى هو دين التسامح والرحمة، ولذلك وجب التصدى بكل قوة لكل الإرهابيين الذين يروعون الآمنين ويخلقون جواً من الفوضى والاضطراب.. وعلى المنظمة الدولية أن تقوم بواجبها كما ينبغى فى حفظ الأمن والسلام، وليس هناك الآن أهم من القضاء على هذا الإرهاب الذى نبهت إليه مصر مراراً وتكراراً، قبل أن يستفحل خطره ويزداد أكثر من ذلك فالقضاء على الإرهاب فى مهده بات ضرورة ملحة، وبهذه المناسبة نتذكر قول «إيفن» الذى تنبأ بأن «هتلر» لابد من القضاء عليه فى مهده، قبل أن ينشر نازيته الخطيرة وهذا ما تم بالفعل.

يبقى على الأمم المتحدة أن تأخذ موقفاً جديداً وتتبنى التصدى للإرهاب فى أى مكان بالعالم.