رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الذين يدعون أن ظروف الإصلاحات الاقتصادية الآن تتطلب إبقاء الحال السياسى على ما هو عليه، هو قول يفتقر إلى الخبرة والحكمة، ويخفى وراءه مخاطر جسيمة لا يدركها إلا العالمون ببواطن الأمور.

فالتضحية بحرية الصحافة وبالديمقراطية الحقيقية من أجل التنمية الاقتصادية.. قضية أثبتت الأحداث مقدار ما فيها من خلل وقصور فى الرؤية السياسية، وأصدق دليل على ذلك، ما حدث فى مصر عقب ثورة 23 يوليو 1952، عندما قام الرئيس جمال عبدالناصر بحل الأحزاب السياسية، وإغلاق بعض الصحف وتأميم البعض الآخر، وكبت الحريات، ثم حرض الجماهير والعمال على الخروج إلى الشوارع لتهتف ضد الديمقراطية وإسقاطها، وهو ما عرف بأزمة مارس 1954.

لقد اختار جمال عبدالناصر طريق كبت الحريات من أجل الحفاظ على مكاسب الثورة، ثم انفرد بالسلطة وبالرأى الواحد أيضًا.. وكانت النتيجة أن تورطت مصر فى حرب اليمن، وانتهت بهزيمة يونيو 1967، التى مازالت مصر تدفع ثمنها حتى كتابة هذه السطور.

لو كانت هناك حرية صحافة، ولو كانت هناك أحزاب، وديمقراطية حقيقية، وبرلمان قوى يعبر عن الشعب ومنتخب بإرادة حرة، ما تورطت مصر فى مغامرات وما وقعت فى أخطاء أدت إلى انهيار الاقتصاد، وتدهور الجنيه أمام الدولار، وما خسرت مصر كل مخزونها من احتياطى الذهب الذى تركه النظام الملكى الذى اتهمته ثورة يوليو ظلمًا بالفاسد!!

وعندما طالب حزب الوفد الرئيس الأسبق حسنى مبارك بضرورة عمل إصلاحات سياسية، لكونها الضمانة الوحيدة للنهضة الاقتصادية ومن ثم إصلاح الصناعة والزراعة والتعليم والصحة وكل أمور الحياة.. رفض مبارك النصيحة، وأصر على إجراء إصلاحات اقتصادية، وكانت النتيجة أنه لا أفلح فى تحسين الأوضاع الاقتصادية وإحداث نهضة للبلاد.. ولا هو بادر بالإصلاح السياسى المطلوب والتأسيس لدولة القانون.. فكانت النتيجة أن مصر تخلفت عن كل بلاد الدنيا، وأصبحنا فى مؤخرة الدول بما فيها رواندا التى عاشت سنوات من الحرب الأهلية، والفوضى، والمذابح الطائفية والعرقية، ناهيك عن أندونيسيا وماليزيا وعشرات الدول التى لم يكن لها وجود على خريطة العالم، عندما كانت مصر تقدم معونات وقروضًا لدول أوروبية وعربية، وكان الجنيه المصرى يساوى 4 دولارات!!

إن أخطر ما يهدد النظام، هو أن يستسلم للتقارير التى تقول إن الشعب المصرى غير مهموم بقضية الحرية والديمقراطية التى تعشش فى عقول عدد من المثقفين الواهمين، والسياسيين الحالمين.

إن الحاكم الحصيف يضع مثل هذه التقارير فى سلة المهملات، ويحطم الحواجز التى تعزله عن الحقيقة، ويهدم الجدران التى تحول بينه وبين الشعب، ويستجيب لإرادته وتطلعاته ومطالبه، حتى من قبل أن يفصح عنها.

والحاكم لابد أن يعرف أن الحديث عن حرية الصحافة وعن الديمقراطية ليس لغوًا، وليس حشوًا، وليس ثرثرة مثقفين، وليس ترفًا يمكن الاستغناء عنه كما يقول بعض الكتاب والإعلاميين سامحهم الله.

إن حرية الصحافة هى التى تكشف الفساد وتفضح الانحرافات.. والديمقراطية الحقيقية هى التى تأتى بانتخابات حقيقية وبرلمان قوى قادر على مراقبة الحكومة ووقف نزيف الإسراف الحكومى، وتقديم الاستجوابات لكشف الانحرافات والاحتكارات وسن القوانين التى تخدم مصالح الغالبية من أبناء الشعب.