رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى ظلال القرآن «الجزء الأول»

 

فى شهر رمضان الكريم نتوضأ بالعلم والنور والإيمان، ورأينا أن نقدم فيه دراسة عن بدء دخول الإسلام مصر، وكيف استقبل المصريون بكل الحب والترحاب دعوة الإسلام، وقبلها وفى نظرة خطفى عن تاريخ مصر منذ التاريخ، وفى كلمات معدودات منذ تاريخ مصر الرسمى مع مولد الدولة على يد الملك مينا عام 3200 قبل الميلاد والذى وحد القطرين ووحد الديانة ووحد الدولة وكانت أول وحدة سياسية وتشريعية ودينية فى التاريخ البشرى القديم الذى دام حتى مجىء الإسكندر الأكبر مصر عام 332 ق.م حوالى ثلاثين قرناً من الزمان هو حكم مصر الفرعونية، وفيه وبمنتهى الإيجاز تمتعت مصر بحضارة عظمى فى كل نواحى الحياة، بنيت المعابد، وازدهر الاقتصاد وكانت مصر مزرعة القمح الخصيب، وازدهر التعليم الدينى والدنيوى فى «بيرعنخ» يطلق على المدارس أى «دار الحياة»، وقد امتاز العصر الفرعونى بالبناء والتشييد والازدهار الاقتصادى خاصة فيما يتعلق بالزراعة «مصر كبلد زراعية» وازدهر البنيان الإدارى ونظام الحكم فى ظل سماحة إلهة العدالة «معات» وعرفت مصر الأولى عبادة التوحيد، وباختصار نعم المصريون بحياتتهم فى ظل من الاستقرار الاقتصادى والإدارى والاجتماعى، إلا أن الصورة اختلفت تماماً إبان العصر البطلمى الذى جاء مع بطليموس الأول قائد الجيش مع الإسكندر الأكبر وتولى حكم البلاد بعده حتى بطليموس السادس عشر، وفيه ذاق المصريون الأمرين، وفرضت عليهم الضرائب وحرموا من الوظائف الإدارية العليا وأيضاً من الاختلاط فى الجيش وازداد السوء بعد بطليموس الثانى والذى أعطى التخطيط الاقتصادى والمالى والعمرانى إلى اليهودى جوزيف والذى فتح الأبواب أمام الهجرة اليهودية والذى أنشأ المدن الحرة وحرم المصريون من كل شىء، ومن بعدهم وعلى نفس المنوال بعد معركة أكتيوم البحرية وانتصار الرومان وهزيمة كليوباترا واستولى الرومان على كل مقاليد البلاد.. وأما العذاب فكان من نصيب المصريين أصحاب البلد الحقيقيين.

ومن هنا كانت الفرحة الكبرى أمام المسلمين لما كانوا يسمعون عنهم وعن عدلهم وعن معاملتهم لبنى البشر.

ونتكلم - إذن - عن أهم الأسباب وراء انتشار الإسلام فى مصر.

بمنتهى الحب رأينا أن أذرع المصريين امتدت لاستقبال الدين الجديد، ومن ضمن الرسائل المهمة التى أرسلها نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم إلى حكام الدول فى ذلك الحين رسالته الشهيرة إلى «المقوقس» عبر من قبل الإمبراطورية البيزنطية وإقباله للإسلام.

بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى: أما بعد فإنى أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت إنما عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء».

وهذه الرسالة المحمدية هى عنصر من عناصر الدعوة الإسلامية تلك الدعوة التى خاطبت الناس أجمعين، والحديث عنها حديث عن عالمية الدعوة الإسلامية كما سنرى ذلك بعد حين.

ضاق المصريون ذرعاً بقسوة الحكم البيزنطى، ورأى كثير من أقباط مصر خيراً فى الدين الجديد فتحولوا لاعتناق الدين الإسلامى عن إيمان وعقيدة، وبعضهم اعتنق الإسلام تقرباً وزلفى من الحكام سعياً وراء مغانم شخصية، إلا أن الذى حدث أن المصريين فرادى وجماعات اعتنقوا الإسلام ديناً، وكان وراء ذلك عدة أسباب نوجز بعضها فى الآتى:

الدين الإسلامى دين التسامح:

1- قام الفتح الإسلامى، ليس على حد السيف، وإنما على مبدأ إسلامى أصيل هو التخيير للمصريين، كدأب باقى البلاد التى قاموا بفتحها، إما الدخول فى الإسلام طواعية واختياراً وإلا دفع الجزية والحرب، وقد قبل المصريون دفع الجزية.

وقد عومل المصريون معاملة أهل الذمة، وبمقتضى «عقد الذمة» تلتزم الدولة بتأمينهم وحمايتهم بل والدفاع عنهم، وذلك كله تحت المبدأ الإسلامى «لهم ما لنا وعليهم ما علينا».

وقد عم التسامح المصريين جميعاً وخاصة أقباط مصر، وهنا نشير إلى ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم عن أهل مصر وحسن معاملتهم: «إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لهم منكم صهراً وذمة».

2- ومن علامات التسامح فى الإسلام أمور عدة كلها تدور حول حرية العقيدة والتسامح والأخلاق الكريمة.

وفى الوقت نفسه خففت الأعباء المالية على المصريين، وسمح لهم بتبوؤ المراكز الإدارية أياً كانت درجتها، وبعكس ما كان من قبل حيث كان حرمان المصريين من تبوؤ الوظائف العليا.

3- ومما هو جدير بالذكر أن عدد المسلمين قبل الفتح الإسلامى كان محدوداً تماماً فى مصر، إلا أنه بعد الفتح استقبلت مصر بكل ترحاب وحب الهجرات العربية، وحدث التمازج السكانى والمصاهرة، ويكفى أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوج مارية القبطية المصرية وكانت هدية حاكم مصر المقوقس له.

4- ومما زاد اختلاط الأجناس، العربية والمصرية، بجانب المعاملات التى سجلتها الحياة اليومية انتشار اللغة العربية، ورغم صعوبتها إلا أن المصريين سرعان ما استسهلوها فكانت لغة التخاطب ولغة القانون بل وكانت عاملاً مساعداً فى انتشار الدين الإسلامى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) (وإنا له لحافظون).

ومن هنا بدأت تتراجع تماماً اللغة اليونانية - اللاتينية بل والقبطية ليعلو شأن اللغة العربية ولتصبح لغة البلاد الأولى، أى اللغة القومية لمصر الإسلامية، وهى البحر فى أحشائه الدر كامن، كما قيل.

ونواصل المسيرة بإذن الله.