رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر

تشهد الأردن هذه الأيام أحداثًا تدعو إلى التأمل العميق، سواء على مستوى الملك عبدالله الثانى، أو مستوى عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب، أو مستوى هانى الملقى، رئيس الحكومة الذى استقال بسبب الأحداث، والذى كان سفيرًا لبلاده فى القاهرة، أو حتى على مستوى وزير الداخلية.. وكلها تحمل دروسًا كثيرة فى فن تعامل الحكام مع الشعوب!

فالحكومة قررت قبل ثلاثة أيام، رفع أسعار البنزين وباقى مشتقات البترول، ولأن القرار أضاف أعباء لا يحتملها عامة الناس، فقد خرجت قطاعات واسعة منهم تحتج على القرار وترفضه!.. وبسرعة أمر الملك بتجميد قرار الحكومة وأطفأ النار!

والقصة فى مجملها أشبه ما تكون بما حدث عندنا فى يناير ١٩٧٧، عندما قررت الحكومة وقتها رفع أسعار بعض السلع، فخرجت الاحتجاجات الشهيرة، ودخل الرئيس السادات على الخط، وألغى قرارات حكومته، مع فارق واحد بين اليوم والأمس، هو أن احتجاجات الأردن سلمية، وأن احتجاجاتنا مارست العنف والتخريب!

وما كاد ملك الأردن يطفئ نار البنزين، حتى كانت الحكومة على موعد مع نار جديدة فى مجلس النواب، الذى رفض مشروع قانون ضرائب تقدمت به الحكومة وأعاده إليها!.. ولم يشأ رئيسها المستقيل أن يخفى أن مشروع القانون من بين مطالب صندوق النقد الدولى، وأن الحكومة متمسكة بتمريره لهذا السبب!.. وكان رد الطراونة أن للحكومة أن تتمسك بما تحب، ولكن البرلمان لن يسمح لنفسه بأن يكون فى جيبها، ولا فى جيب أى حكومة، ولن يخضع لإملاءات الصندوق، وسيكون موقفه دائمًا إلى جوار الشعب!

وفى القلب من هذا كله، دعت النقابات إلى اعتصام، اليوم، رفضًا للقانون.. ودعا وزير الداخلية إلى احترام حق المواطنين فى الاحتجاج ما دام سلميًا، وما دام يجرى فى إطار القانون، دون تجاوز، ودون الانجرار إلى العنف أو التخريب!

والدرس الكبير فى الموضوع، أن مطالب الصندوق ليست قرآنًا، وأن علينا حين يطلبها منا أن نناقشه فى إمكانيتها، وفى مدى قدرة آحاد الناس على تحملها، وفى جدولها الزمنى.. فمسئول الصندوق أول مَنْ يغسل يديه عند أول تداعيات من نوع تداعيات ١٩٧٧، أو من نوع أحداث الأردن، وإذا كان من واجب الحكومة إصلاح اقتصاد البلد، فمن واجبها فى المقابل أن تعمل على رفع دخل مواطنيها بالتوازى، وأن تراعى أن الذين يدفعون فاتورة الإصلاح بشر، وأن غالبيتهم من رقيقى الحال، وإلا، فإن تداعيات الإصلاح ستكون فوق القدرة على التحمل!