رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

أدعو كل قارئ إلى مطالعة الحوار المهم، الذي أجراه زميلنا الأستاذ أسامة الرحيمي، مع الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي، على صفحات الأهرام، صباح أمس الأول الاثنين!

الحوار منشور على صفحة كاملة، وكان لقضايا الشعر، والفكر، والأدب، نصيب الأسد فيه بالطبع.. غير أن هذا كله إذا استوقف القارئ.. وسوف يستوقفه بالتأكيد.. فإن فقرة واحدة في الحوار عن القاهرة، سوف تستوقفك أكثر، وسوف تتساءل بينك وبين نفسك، عما أوصل قاهرة المعز إلى هذا الحال البائس الذي يصفه الشاعر،  وعما إذا كان المسئولون عن أمر العاصمة يرون ما يراه «حجازي»، ثم عما فعلوه في موقع المسئولية،  بعد أن رأوا ما يراه الشاعر الكبير ويرصده ويسجله؟!

الجديد في الموضوع، إن شاعرنا عاش في باريس سنوات من حياته، وانه كان يرى وجوه شبه كثيرة بينها وبين قاهرتنا، الى حد انه لما عاد من العاصمة الفرنسية الى عاصمة بلاده، لم يشعر بنقلة كبيرة، ولا بفارق خطير.. فكأن الحياة في عاصمة النور لم تكن في وقت من الأوقات، تختلف عن الحياة في مدينة الألف مئذنة.. فماذا بالضبط جرى لها على أيدينا، وكيف يكون هذا هو حالها ثم نرتضيه ونسكت عليه؟!

لم تكن أسطح بيوتها ممتلئة بالقمامة، فصارت ممتلئة!.. وكانت بيوتها تقام في الأماكن المخصصة للبناء، فأصبح البناء فيها في أي مكان، وبغير تمييز، ودون قواعد حاكمة لأي مبنى يرتفع في عاصمة هذا هو تاريخها الممتد، وهذه هي عراقتها المتفردة، وهذا هو وضعها الرائد قديماً بين العواصم والمدن!

وكان الانسجام العام يحكم العلاقة بين مبانيها، فلا يشذ مبنى عن مبنى مجاور، ولا تتأذى عيناك إذا ما دُرت بهما في أي اتجاه فيها، فغاب هذا كله عنها، ولم يعد له وجود، وأصبحت أنت تشعر بأنك مُحاصر فيها بكل يتنافى مع الذوق السليم، كلما مررت في شارع من شوارعها، وكلما أطللت على ميدان من ميادينها، وكلما تجولت بين أحيائها وأنحائها!

ولا تزال القاهرة الخديوية التي أرادها الخديو اسماعيل قريبة من باريس.. لا تزال كلما هطل المطر وغسلها في الشتاء، تبدو وكأنها العاصمة الفرنسية بالتمام!

والمعنى أن أبناء القاهرة هُم أسوأ ما فيها، وأنهم هُم الذين يُسيئون إليها، وهُم الذين يشوهون منظرها العام، وهُم الذين إذا غادروها أو غابوا عن شوارعها في الإجازات، بدت في أبهى صورة!

إحساس «حجازي» إزاءها هذه الأيام، هو العطف والحزن، ولابد انه إحساس كل غيور عليها، وكل عارف بتاريخها.. ولكنها في حاجة الى مسئول على رأسها يحس بالشيء نفسه.. مسئول يستطيع تحويل حزنه وعطفه عليها الى فعل يعيدها الى ما كانت عليه!

القاهرة في أشد الحاجة الى مُحافظ يغار على عاصمة بلاده، ويعرف كيف يجعل أبناءها يغارون عليها!