عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من الدراسات المتعمقة فى فهم القرآن الكريم - تلك الدراسة التى قدمها فى جزءين المفكر المغربى دكتور محمد عابد الجابرى وهو من مواليد 1936. توقفت مع الجزء الأول عند رأى وفهم الدكتور الجابرى للقرآن الكريم بقوله «لابد من لفت الانتباه إلى أن القرآن كتاب مفتوح يتألف من سور مستقلة تكونت مع تدرج الوحى. والسور نفسها مكونة من آيات مرتبطة - فى كثير من الحالات - بوقائع منفصلة هى أسباب النزول. من أجل ذلك من غير الممكن التعامل مع القرآن كنص معمارى مهيكل حسب ترتيب ما. إنه نص بيانى من نتاج الوحى لا من إنتاج المنطق، والوحى كان ينزل حسب مقتضى الأحوال والأحوال تتغير من حين لآخر..» - أما أهل السنة فهم وحدهم الذين يتخذون القرآن (والسنة المبينة له) مرجعيتهم الوحيدة ليس فى العقيدة والأخلاق والأحكام فحسب - بل أيضا فى تصورهم لدور النبى نفسه وكونه بشرًا كسائر البشر استنادا لقوله تعالى «قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد..» من سورة فصلت. وبما أنه هو بشر فسيموت كما يموت البشر ولن يبقى بعده غير الوحى. 

وعن أوجه الاختلاف فى مفهوم الوحى بالأديان السماوية الثلاثة يقول الجابرى فى موضع آخر بدراسته «نلاحظ فرقًا كبيرًا بين مفهوم الوحى لديهما من جهة (اليهودية والمسيحية) وبين مفهومه لدى أهل السنة فى الإسلام، ويتمثل هذا الفرق فيما عبر عنه أحد الباحثين الغربيين بقوله «الوحى فى اليهودية مركز على الشعب، وفى المسيحية على شخص المسيح، أما فى الإسلام فهو مركز على كتاب هو القرآن الكريم..» وننتقل إلى تصور اليهود للوحى.. يقول.. فى المرحلة الأولى كان الوحى بمعنى الكشف والتجلى - يعنى خروج الله من وحدته التى كان عليها منذ الأزل - فى البدء - الذى لا بداية له كان الله ولا شىء معه، ثم اقتضت مشيئته أن يكشف عن ذاته - أراد أن يكون مرئيًا ومسموعًا ومعروفًا فخلق العالم والزمان وخلق الإنسان وتجلى الله للإنسان وحصل اللقاء بينهما فى قصة آدم - ومن آدم خلق الله شعوبًا وأممًا.

 أما فى نظرية التثليث فى المسيحية فقد تحول الكشف برأى المؤلف إلى تجسيد.. تجسد الله فى عيسى بن مريم هذا الابن الذى لا أب له غير الله نفسه - وهكذا فإن ما تم تدريجيا منذ بدء الخليقة وعبر مسار تجلى الله فيه لمخلوقاته فى صور متعددة ومناسبات شتى، بلغ كماله وتمامه عندما امتلأ زمان النبوة وكشف الله عن نفسه نهائيا وللمرة الأخيرة فى «يسوع» ومن هنا صار اليسوع يجسد كمال الوحى على مستوى موضوعه ومصدره فى آن واحد.

 ويؤكد الدكتور محمد عابد الجابرى على أن فلسفة النبوة والولاية عند الشيعة والمتصوفة لا تتناقض مع التصور اليهودى والمسيحى بل تتوازى معه.. وهذا ما سوف نتناوله فى القراءة القادمة لكتاب دكتور محمد عابد الجابرى «مدخل إلى القرآن الكريم».