أحوالنا
مع بدايات شهر رمضان المعظم وانطلاق ماسورة المسلسلات الدرامية التى كانت تنتظر إشارة البدء فى ترقب ولهفة، حملت الأنباء طوفانا من المشاكل والاحتجاجات الناجمة عن موضوعات أو آراء تضمنتها هذه المسلسلات فى حلقاتها الأولى. فقد أثار مسلسل «خفة يد» غضب بعض الإخوة المسيحيين بسبب تنكر أحد الممثلين فى زى قسيس أثناء قيامه بعمليات نصب، وقد امتلأت صفحات التواصل الاجتماعى بكلمات غاضبة تستنكر ما رأوْا فيه انتقاصًا من مكانة رجل الدين الذى ينبغى أن يحظى بالاحترام فى كل الأوقات.
أما مسلسل «ربع رومى» فقد أثار سخط وغضب المحامين. وقد عبر نقيبهم الاستاذ سامح عاشور عن ذلك بقوله إن المسلسل حمل إهانة واضحة للمحامى واحتوى على سخف يخالف القانون وسنحاسب المسئولين عن ذلك. كما قرر نادى القضاة اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد أى عمل فنى يسيء إلى القضاة.
أما مسلسل «أبو عمر المصرى» فقد تجاوز نطاق الاحتجاجات الداخلية إلى إثارة سخط وغضب الإخوة السودانيين. فقد وجه عدد من الإخوة السودانيين اتهامات لمسلسل أبوعمر المصرى بالإساءة للسودان. وقد سارع المجلس الاعلى للإعلام بإصدار بيان كشف فيه عدم صحة ما تداولته مواقع الكترونية بشأن وجود مشاهد مسيئة للسودان فى العمل. وكانت وزارة الخارجية السودانية قد صرحت بأنها استدعت السفير المصرى فى الخرطوم احتجاجا على المسلسل. وقد أصدرت شبكة قنوات on التى تذيع المسلسل بيانا أكدت فيه أن العمل لا يحتوى على مشاهد أو تلميحات تخص الدولة السودانية أو حكومتها أو الشعب السودانى الشقيق.
وقد أعادت هذه المشاكل الدرامية وما تنطوى عليه من أزمات فى الايام الاولى من الشهر الفضيل إلى ذاكرتى العديد من المواقف المشابهة التى تعرض لها ماسبيرو حينما كان ينفرد بساحة الاعلام المرئى والمسموع قبل عصر الفضائيات. وربما كانت اكبر هذه المشاكل ما حدث مع مسلسل « فارس بلا جواد » بطولة الفنان الكبير محمد صبحي، وكنت وقتها رئيسا لاتحاد الإذاعة والتلفزيون. فقد تناول المسلسل جزئيا كتاب « بروتوكولات حكماء صهيون » وهو الكتاب الذى يترصده اليهود فى أى مكان يظهر فيه وعلى أى صورة من الصور، لانه يظهر الكثير من الآراء العنصرية والتآمرية من جانب اليهود للسيطرة على العالم.
وبالطبع كان ظهور الكتاب ضمن مسلسل كبير لنجم يحظى بشعبية هائلة مثل الفنان محمد صبحي، لم يكن ليمر مرور الكرام. انهالت الاحتجاجات من كل جانب ووصلت إلى كل أجهزة الدولة. وقد زارنى السفير الأمريكى فى مكتبى لكى يؤكد على ضرورة عدم إذاعة هذا المسلسل نظرا لما يحتوى عليه من أفكار معادية للسامية. أكدنا للسفير الأمريكى ولكل الجهات المعنية ان المسلسل لا يحتوى على أى شىء يسيء لأى جهة.
وزيادة فى الحرص أعدنا فحص الحلقات بعناية شديدة وأجرينا بعض المونتاج فى أضيق نطاق للحفاظ على العمل سليما. واجهتنا مشكلة أنه كان قد تم شحن الحلقات الاولى للعديد من المحطات العربية قبل عمل المونتاج الأخير. فقمنا بالاتصال بكل المحطات لاستبدال الحلقات التى حدث بها تعديل، وقد استجابوا جميعا لطلبنا إلا محطة واحدة، اصرت على الإذاعة دون تعديل وكانت النتيجة أن المجلس الاعلى للاعلام الأوروبى أصدر اوامره بعدم ظهور هذه المحطة العربية فى أى دولة أوروبية. وهو الامر الذى مازال ساريا إلى اليوم.
وعلى أية حال، مع استمرار الاعمال الدرامية ستكون هناك من ورائها مشاكل ولكن نرجو أن تكون دائمًا محدودة النطاق وألا تتسبب فى مشاكل كبيرة وخاصة بين الأشقاء.