رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

صف طويل من السيارات الفارهة والفاخرة تتزاحم، شاب.. أربعة.. أكثر فى ريعانهم، سمر من حرقة الشمس، وجوههم جامدة تفتقد الحيوية جوعاً وفقراً، أيديهم ممتدة بفوطة قذرة، يعترضون طريق أصحاب السيارات الداخل منها والخارج إلى المركز التجارى بالحى.. «بالأحياء الراقية»، يعرضون خدماتهم إما مسح السيارات «تلويثها فى الواقع» أو بحمل تلك «الأكياس» المليئة بما لذ من طعام وشراب وحلوى، ثمن ما تحويه «الأكياس» لا تقل أبداً عن ألفى جنيه، هذا فقط فى المرة الواحدة، ناهيك عن أجهزة كهربائية وتليفزيونات وتليفونات ولاب توبات، وغيرها ثمنها عشرات الآلاف يجرها هؤلاء أمامهم فى الطريق لسياراتهم.. ثم لبيوتهم الفاخرة.. ويلمسها الشباب الجائع فى اشتياق وهم يحملونها ليضعوها فى السيارات الفاخرة مقابل قليل من الجنيهات، وقد يعرج هؤلاء إلى «الكوفى شوب» أو المطعم الملحق بالمركز التجارى لتناول مشروب أو قطعة «جاتوه» مقابل ستين جنيهاً على أقل تقدير للشخص الواحد.. إنهم يلتقطون أنفاسهم من تعب «الفرجة والشراء داخل المركز التجارى»!

على مقربة من الحى الراقى، والمركز التجارى المبالغ فى أسعاره، والمزدحم دوماً ببشر لا يعلم الفقراء المراقبون للمشهد من أين يأتون بكل تلك الأموال، والتى تنفق يومياً بهذا الإسراف، على المقربة يوجد دوماً حى أو أحياء سكنية فقيرة معدمة أو عشوائيات، لا يجد سكانها غالباً عملاً، ولا وساطة لقضاء أمورهم وخدماتهم لأنهم «تحت الأرض» يفتقرون لأى خدمات آدمية من مرافق عامة أو خاصة على غرار بيوتهم التى تفتقر لكل شىء، الأطفال يذهبون لمدارسهم سيراً بضعة كيلومترات، حاملين أثقل حقيبة كتب فى العالم على ظهورهم، وأغلبهم يترك التعليم لمساعدة ذويهم، والعمل فى ورشة أو التحول لبلطجى ليجد ما يأكله.

يقول لسان حالهم لأصحاب الفيلل والشقق الفاخرة والسيارات، نعلم أن الأرزاق بيد الله وحده وأنه خلقنا طبقات، لكنه خلق العدل والرحمة لتحارب الظلم والقسوة، العدل حين تتخذون قرارات تقشف أو رفع للأسعار، أن تضعونا نصب أعينكم، العدل أن تمنحونا شهادة إعفاء من قراراتكم.. بطاقة خاصة على غرار ابتكاركم لشهادة أمان، سموها «بطاقة بدل شحاتة» أو «شهادة فقر»، أو حماية.. رعاية.. لا يهم الأسماء، وزعوا هذه البطاقة علينا بالقرى والنجوع والعشوائيات، بعيداً عن بطاقة التموين العقيمة، وبعيداً عن معاش كرامة التافه، شهادة الفقر نحصل بموجبها على تخفيضات وتيسيرات فى كل شىء، فى شراء الطعام فى استخدام وسائل النقل العامة، فى المستشفيات، فى دفع فواتير الماء والكهرباء والغاز، فى مصروفات المدارس وشراء الزى، شهادة «فقر» يشارك فى دعمها الأثرياء ورجال المال والأعمال، شهادة تقينا ذل الحاجة والشحاتة.. هذا لسان حالهم.

أيها السادة.. أطالبكم أمام الله كمسئولين فى الدولة.. وكأثرياء أكرمكم الله من فضله بأن تراعوا الفقراء فى قراراتكم وتنفذوا فكرة تلك الشهادة أو البطاقة للفقراء، أطالبكم أن توجهوا الزكاة والصدقات بصورة عملية وحقيقية لعمل مشروعات صغيرة لتشغيلهم وتعليمهم ورعايتهم، فى الدول المتقدمة التى ليس لها ديانة حتى، تمنح مثل هذا «البطاقة» أو الكارنيه لكل أصحاب الدخول البسيطة، وأيضاً لأصحاب المعاشات بغية تقريب الفجوات بين طبقات المجتمع.. الفقر يا سادة منبع للحقد والكراهية والجريمة.. وإن أغنيتموهم من فضل الله عليكم، لوقيتم أنفسكم ومجتمعكم شروراً جساماً، لحاصرتهم جرائم القتل والعنف والسرقة بالإكراه، ولحمينا الشباب من الوقوع فى براثن التطرف والتنظيمات الإرهابية.. وللحديث بقية..

[email protected]