عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

 

 

الكُل باطل. قتلة ضد قتلة، وكأن عدو العدو صديق، مهما كان تاريخ الدم بيننا. وكأننا نستجير من الرمضاء بالنار.

 هل صار مقدوراً علينا أمة العرب أن نختار بين قُبحين، وشرين، وخطرين.

نيران إسرائيل تقصف سوريا، فتهلل أقلام عربية. تستبشر ألباب، وتُغرد حكومات، وتُبرر بذلات أنيقة.

يستدرجنا الكاتب الكبير عبدالرحمن الراشد ليسأل فى جرأة: مع من نقف: إيران أم إسرائيل؟

يقول إن الضرورات السياسية تتغير حسب المصلحة، ويزعم أننا لو سألنا الشعب السورى لهتف مؤيداً ضرب قوات الحرس الإيرانى داخل سوريا. كُلهم يتحدث باسم الشعب السورى، بينما لا أحد يُقاسمه العذاب والبؤس والخراب.

وزير خارجية خليجى دافع عن حق إسرائيل فى قصف سوريا قائلاً: «إيران أخلّت بالوضع القائم فى المنطقة واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، لذا يحق لأى دولة فى المنطقة، ومنها إسرائيل أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر».

لا ألوم ولا أعاتب. لا أتهم أحداً فأنا نفسى لم أعد أعرف أعداء بلادى كما كُنت فى الماضي. تبدلت أحوال، وتغيرت مفاهيم. لم نعد قادرين أن نهتف كما كُنا نفعل ونحن طلبة يافعين قبل ربع قرن «دايماً دايماً جيل ورا جيل. بنعاديكى يا إسرائيل».

 لم تعُد قضية فلسطين تشغلنا، فلدينا ألف قضية وقضية. لم تعُد مأساة الشعب الفلسطينى محل اهتمام، فلكل شعب مأساته، ولكل دولة عذاباتها. ارتدت الحكومات العربية إلى مصائبها وشواغلها الداخلية. التفت البعض للخطر الإيرانى وانشغل الكُل بالإرهاب المتأسلم.

 كانت إسرائيل ظُلمنا فصارت أمننا. كُنا نلعنها على المسابح ونسبها فى القصائد فأصبحنا نتشاور معها سراً ونُبرئها علناً.

سيفنا لم يعُد مُشهراً أمام بنى صهيون، بل صار على استعداد أن يلتحم معهم ضد أعداء آخرين صنعوا سريعاً. لا ألوم أحداً ولا أتهم أحداً وإنما أحاول أن أتفهم كيف خططوا وصمتنا؟ كيف دبروا وسكتنا؟ كيف نجحوا وفشلنا؟

زُرعت فكرة الإسلاموية زرعاً فى مُجتمعاتنا. جُرجرنا نحو خرافات الخلافة واليوتوبيا ودولة الإيمان المنصورة. تم تثوير الإسلام وتحويله إلى آلة قتل بدعوى الجهاد. نُثرت فتن التكفير والمجتمعات الجاهلية واستحلال الغير وسُفكت الدماء غزيرة.

نمت إسرائيل بتخلفنا. كبرت بفرقتنا وانقسامنا. ازدهرت بجهلنا وتمددت بحالة التفسخ التى أحدثها تسييس الدين الإسلامى وتثويره، ثُم صارت صديقاً وحليفاً ومسانداً رغم أنوفنا جميعاً.

نفخت إيران بقصد. فُتحت لها نوافذ التوسع وشُجعت على لعب دور «البعبع». رُسم الطريق لحروب أخرى وعداءات جديدة وخصومات شرسة. جُمِّلت ثورات الشعوب ضد حُكامها المُستبدين. أؤدلجت ورُكبت واختطفت يميناً ويساراً فلم نعرف حقاً من باطل، ولم نفرق صواباً عن خطأ.

ليس ما أكتب بجديد. أجهزة الدول العربية تعلم. قد تُراوغ حيناً، قد تؤجل المواجهة حيناً آخر، غير أنها تعى أنها ستسير فى النهاية فى الدروب المرسومة لمعارك خارج الحسبان.

إذن لِم كتبت ما كتبت؟.. لأن هناك أملاً؟ نعم.. رغم كل شىء. الأمل فى أجيال أخرى. أطفال اليوم. ربما. عقول أخرى مُنفلتة خارج حسابات الأيديولوجيات، مُتسامحة مع ذواتها، مؤمنة بالسلام، ساعية للعلم وباحثة عن التقدم. اخلعوا كُل أردية الماضي. لا قومية ولا إسلاموية ولا ماركسية. ابحثوا عن نفع الناس. تهتدوا.

والله أعلم.

[email protected]