حكاية وطن
إذ كان دور الصحافة كشف السلبيات والتحذير منها والمطالبة بوضع الحلول لها، فإن واجبها أيضاً تسليط الأضواء على الإيجابيات لتعظيمها وتقديمها كقصص نجاح للاقتداء بها، فى عام 1979 قام محمد أبوالعنين بغزو صحراء العاشر من رمضان، بإنشاء أول مصنع حديث للسيراميك فى مصر وخلال الأربعين عاماً الماضية انطلقت مجموعة كليوباترا لتصبح الأولى على مستوى الشرق الأوسط ومن أكبر «4» شركات فى العالم، وتغزو بمنتجاتها قارات العالم أجمع بما فيها السوق اليابانى أصعب الأسواق العالمية، ولم يكن نجاح مجموعة كليوباترا صدفة، ولكنه نتاج جهد وعرق حوالى «25» ألفاً من العاملين بها، وبمساندة الدولة للاستثمار الجاد، وثقة الشعب فى منتجاتها، وإقباله عليها، فكانت هذه الثقة جواز العبور للأسواق العالمية.
وتحولت تجربة أبوالعينين إلى نموذج للقطاع الخاص الناجح بعد تعميره الصحراء بالمصانع والمزارع والمقاصد السياحية والمشروعات التكنولوجية والعقارية وهو ما أسهم فى تنمية الاقتصاد وتطوير المجتمعات وخلق الوظائف وتأهيل العمالة وتأمين الغذاء وتوطين التكنولوجيا وخلق القيمة المضافة من الخامات المحلية وفتح الأسواق الجديدة أمام المنتجات الوطنية.
وأمس الأول اختار الاتحاد الإفريقى محمد أبوالعينين رئيس مجلس إدارة سيراميكا كليوباترا جروب للفوز بجائزة أفضل صانع فى قارة إفريقيا.. وجاء ذلك فى منتدى الاتحاد الإفريقى العاشر للقطاع الخاص الذى عقد بحضور د. هالة السعيد وزيرة التخطيط والإصلاح الإدارى.
وسلم فيكتور هاريسون مفوض الشئون الاقتصادية بالاتحاد الإفريقى أبوالعينين درع الاتحاد وتعد هذه هى المرة الأولى التى يفوز فيها صانع مصرى بهذه الجائزة الرفيعة التى منحت لمجموعة كليوباترا من بين جميع شركات «55» دولة إفريقية.
وكما أن أبوالعينين رجل صناعة ناجح، فإنه سياسى ناجح أيضاً، فقد تم تعيينه نائباً فى مجلس الشعب عام 1990 وفاز فى جميع الانتخابات بعد ذلك فى دائرة الجيزة ورأس لجنتى الإسكان والصناعة وقدم تقارير برلمانية مهمة فى أخطر القضايا ومنها احتكار صناعة الحديد والدم الملوث وكما قدم عدة اقتراحات بقوانين تمت الموافقة عليها، وهو حالياً الرئيس الشرفى للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط ورئيس المجلس المصرى الأوروبى، وألقى كلمة مؤثرة خلال الجلسة العامة الـ14 للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط التى عقدت فى مجلس النواب المصرى برئاسة الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب ورئيس الجمعية، طالب فيها الدول الأعضاء بالجمعية البرلمانية من أجل المتوسط، بأن يكونوا داعمين لمصر التى تحارب الإرهاب، وحدها، وأعطت نموذجاً أمنياً جيداً بفضل القوات المسلحة والشرطة المصرية، وقال إن مصر ستكرس طاقتها الكبيرة للبناء ومحاربة الإرهاب، وفضحت المخططات الخبيثة التى تريد هدم الدولة، وأكد أن مصر استعادت اقتصادها وتسير على الطريق الصحيح، وخلقت مناخاً جاذباً للاستثمار.
البلد فى حاجة إلى هذه النوعية من رجال الأعمال الذين يجمعون بين الفكر الاقتصادى والسياسى المنحاز للدولة المصرية، فهم يبنون فى الداخل، ويقومون بدور السفراء فى الخارج لدعم القرار المصرى، النجاح لا يأتى صدفة ولكنه نتيجة فكر ورؤية صائبة وعقلية مرتبة، وتخطيط للمستقبل، ويؤتى ذلك ثماره خاصة إذا كان مدعماً بالبعد الاجتماعى حتى يظلل على الجميع مقابل التيسيرات التى تقدمها الدولة للمبدعين من رجال الصناعة.